طوال مشاركتها في عمليات التحالف العربي الداعم للشرعية عملت دولة الإمارات العربية المتحدة في أكثر من اتجاه، فإلى جانب قتال ميليشيا الحوثي وتأهيل وتدريب وتسليح قوات يمنية تتولى إدارة المعارك، واجهت آفة الإرهاب الذي تمدد مع الانقلاب على الشرعية وانهيار مؤسسات الدولة فأعدت ودرّبت وسلّحت قوات يمنية متخصصة في مكافحة الإرهاب.

وقدمت الإمارات نموذجاً ناجحاً في مكافحة الإرهاب يتمثل في تحرير عاصمة محافظة حضرموت ومدن الساحل، وتأمين ما يزيد على 330 كيلومتراً من الشريط الساحلي على بحر العرب، كما أن القدرات التي ظهرت بها وحدات النخبة في حضرموت وشبوة. وقوات التدخل السريع في إبين والحزام الأمني في عدن ولحج إلى جانب قوات مكافحة الإرهاب أثبت فاعلية هذه الوحدات التي جرى تدريبها وتأهيلها بإشراف ودعم إمارتي.

تحرير

فبعد وقت قصير على انطلاق عمليات التحالف تولت الإمارات وضع الاستعدادات لتحرير مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت ومدن الساحل بعد أن تحولت إلى إمارة إرهابية لعناصر تنظيم القاعدة تحكمها وتتحكم بسكانها وتخطط لتنفيذ عمليات إرهابية في مختلف مناطق اليمن.

تولت الإمارات مهمة تدريب وتأهيل وحدات النخبة الحضرمية عام 2015، وتم تدريبها في معسكرات للتحالف العربي، وينتمي جميع أفرادها إلى أبناء محافظة حضرموت. وعند البدء بتنفيذ خطة تحرير المكلا قادت القوات المسلحة الإماراتية ضمن قوات التحالف العربي في نهاية أبريل 2016، هذه العملية بمشاركة قوات النخبة وتمكنت من تحرير المدينة، من سيطرة التنظيم الإرهابي الذي استمر في حكمها أكثر من عام.

ولم تتوقف الجهود الإماراتية على تحرير مدن ساحل حضرموت بل واصلت في نوفمبر 2016، ملاحقة فلول تنظيم القاعدة في الأودية والمرتفعات النائية التي لجأت إليها العناصر الإرهابية بعد طردهم من مدن الساحل.

وتبع ذلك عمليات أخرى شملت «وادي المسيني» غرب مدينة المكلا، مركز محافظة حضرموت، والذي كان يصنف كأهم معاقل تنظيم القاعدة، حيث طهر الوادي من جيوب وأوكار عناصر التنظيم الإرهابي بإسناد كامل من القوات المسلحة الإماراتية، ومعها انتشرت قوات النخبة الحضرمية بشكل واسع في المنطقة وإنهاء الوجود الفعلي لعناصر التنظيم الإرهابي هناك.

تأمين عدن ولحج

مع طرد ميليشيات الحوثي من مدينة عدن ومحافظة لحج كانت عناصر الإرهاب بشقيه القاعدي والداعشي قد استغلت الفراغ الأمني وظروف المواجهة للتواجد في المحافظتين وحصلوا على كميات من الأسلحة عند نهب مخازن الجيش والأمن، ولهذا كانت مدينة عدن وأجزاء من محافظة لحج المجاورة ساحة للاغتيالات التي طالت أفراداً وضباطاً في أجهزة الأمن السابقة والمخابرات والقضاة وسياسيين، مخلفين حالة من الرعب في المدينة التي اختارتها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد. ورغم ذلك وفي ظل استمرار المواجهات مع ميليشيا الحوثي عملت الإمارات بجد من أجل إنشاء قوات أمنية قادرة على مواجهة الإرهابيين،

فتم تجنيد أبناء المناطق التي تعاني من جماعات التطرف والإرهاب في عدن ولحج وأبين، وتشكلت قوات الحزام الأمني في عدن ولحج وأبين ووحدات مكافحة الإرهاب وأسندت بقوات التدخل السريع، ودعمت الإمارات هذه الوحدات بكافة الإمكانيات من تدريب وتسليح ودعم لوجستي وبإشراف مباشر حتى تمكنت من استعادة الأمن وملاحقة العناصر الإرهابية، ومعها تراجعت الحوادث الإرهابية والاغتيالات بشكل كبير جداً، وباتت هذه القوات تمتلك قدرات بسط الأمن ومواجهة الإرهاب والخارجين على القانون.

تطهير محافظة أبين

سعت عناصر الإرهاب إلى تحويل محافظة أبين إلى مركز للتجنيد والتخطيط والتدريب واستقطبت العديد من المغرر بهم من محافظات عدة إلى هناك، مستغلة حالة الفراغ التي تشكلت مع انهيار مؤسسات الدولة كنتيجة طبيعية للانقلاب، وفي سبيل إنهاء هذا الوجود والتصدي بحسم للإرهاب دعمت الإمارات قوات الحزام الأمني بمحافظة أبين بالتدريب والتسليح وبكل الإمكانات وشاركت معها في عمليات مداهمة أوكار الإرهاب حتى تم تصفية المحافظة.

العمليات العسكرية التي نفذتها قوات التدخل السريع التابعة للحزام الأمني في محافظة أبين، بقيادة العميد عبداللطيف السيد ودعم وإسناد من القوات المسلحة الإماراتية أدت إلى سيطرة هذه القوات على وادي حماره في مديرية المحفد والذي يعد آخر وأهم معسكرات القاعدة في المحافظة، حيث عثرت القوات على أغراض شخصية تابعة للجماعات الإرهابية التي هربت وتركت مواقعها في الوادي.

 

تأمين متطلبات النجاح

لأن مكافحة الإرهاب في بلد كاليمن يشهد حرباً متواصلة ضد ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران ودخلت أطراف إقليمية في تمويل ودعم جماعات إرهابية وأيديولوجية فإن القضاء على الوجود المعروف لعناصر الإرهاب لا يحقق الغاية من ذلك، بل يتطلب قدرات أمنية عالية ووضوح في الرؤية فإن الإمارات عملت على توفير كل متطلبات نجاح القوات اليمنية في مواجهة الإرهاب وعملت مع الإقليم والعالم من أجل ملاحقة العناصر الإرهابية وقادة التنظيمات، وهو ما جعل هذه التنظيمات تخسر قادة الصف الأول بالكامل خلال هذه السنوات.

وفي مارس الماضي أعلنت قوات الحزام الأمني استكمال تطهير الجنوب من العناصر الإرهابية، بعد نجاح عملية الجبال البيضاء لتطهير محافظة شبوة من العناصر الإرهابية حيث نفذت النخبة التي تشكلت بدعم وإسناد كامل من الإمارات عملية واسعة ضد وجود عناصر الإرهاب في المحافظة أطلق عليها مسمى «الجبال البيضاء»، حيث قوبلت الحملة بترحيب شعبي كبير. ولا تزال الإمارات تلعب الدور ذاته في الدعم والمساندة للقوات اليمنية من أجل استمرار فاعلية قدرات هذه القوات وحماية حدود البلاد من تسرّب الإرهابيين إلى الداخل وشلّ قدرتهم على أي فعل إرهابي.