أعادت الآلية الجديدة التي توافقت عليها الحكومة الشرعية في اليمن وميليشيا الحوثي لتنفيذ اتفاق الانسحاب من موانئ ومدينة الحديدة، الأمل لجهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة، وفتحت ثغرة ضوء في جدار الفشل الذي بني منذ ما يزيد على ستة أشهر.
وتكمن أهمية الآلية الجديدة في أنّها تتجاوز وللمرة الأولى كل الخلافات الفنية الخاصة بعملية إعادة الانتشار، ابتداءً من خروج المسلحين الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة، وانتهاءً بمواقع تمركز الإفراد والآليات المدرعة، مع الالتزام بنشر فرق رقابة ثلاثية في خطوط التماس، والتحقق من هوية أفراد قوات خفر السواحل الذين تسلموا الموانئ الثلاثة.
واحترازاً من التفاصيل الفنية التي مثلت عقبة أساسية أمام تنفيذ «اتفاق استوكهولم» بشأن إعادة الانتشار من الحديدة وموانئها بسبب محاولة الميليشيا التنصّل من الاتفاق والتحايل عليه، فإنّ اللقاء الأخير لممثلي الفريقين في اللجنة المعنية بالإشراف على تنفيذ الاتفاق تجاوز الكثير من التعقيدات والخلافات، ليتم طي ملف الرقابة المشتركة وملف خرائط الألغام والممرات، وصولاً إلى الاتفاق على تموضع قوات المشاة على مسافة 20 كيلومتراً من مدينة الحديدة و50 كيلومتراً للآليات المدرعة. وبموجب آلية تعزيز وقف إطلاق النار التي تم الاتفاق عليها، سينتقل ضباط الارتباط الذين يمثلون الحكومة الشرعية والميليشيا والمراقبين الدوليين، إلى نقاط التماس لتخفيف التوتر ومراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار بصورة شاملة.
دعم
وترافقت هذه الخطوة مع لقاء الرئيس عبد ربه منصور هادي بالمبعوث الدولي مارتن غريفيث، للمرة الأولى تجميد الشرعية التعامل معه على خلفية موقفه مما أُسمي الانسحاب أحادي الجانب للميليشيا من موانئ الحديدة، حيث جدد هادي دعمه اللامحدود لجهود الأمم المتحدة لتنفيذ «اتفاق استوكهولم» وتحقيق السلام في اليمن، وهو الدعم الذي تلقاه المبعوث الدولي من الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي.
ومع وصول المبعوث الدولي إلى صنعاء للقاء الميليشيا للفصل فيما يتعلق بهوية السلطة المحلية التي ستدير محافظة الحديدة ومعها قوات الشرطة المحلية، بعد أن ترك هذا الأمر للفصل فيه مع الرئيس هادي والميليشيا، فإنّ المنظمة الدولية أوعزت لهيئاتها العاملة في اليمن بمواصلة توزيع الإغاثة للسكان، بعد أن تلقت وعوداً من قيادة الميليشيا بالاستجابة لمطالب برنامج الغذاء العالمي للتحقق من المستفيدين الفعليين من المواد الإغاثية.
تعهّد
ووفق مصادر عاملة في مجال الإغاثة، فإنّه ونظراً للحالة الإنسانية الصعبة لملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الميليشيا، فقد طلب من 10 منظمات أممية ودولية بينها برنامج الأغذية العالمي الاستمرار في توزيع المواد الإغاثية، استناداً لتعهدات قطعت للمبعوث الدولي بالسماح لبرنامج الغذاء العالمي باعتماد نظام التحقّق من هوية الأشخاص الذين يتلقون الدعم حتى لا يتم التلاعب بالإغاثة مجدّداً.
وعشية عودته إلى صنعاء، تعهّد مكتب المبعوث الأممي مارتن غريفيث بإيجاد حل للمشكلات القائمة، لا سيّما عملية توزيع المساعدات، وهو ما جعل برنامج الأغذية العالمي وبقية المنظمات التي كانت تنوي تعليق أعمالها تقرر إرجاء ذلك، لكنها أكدت أنها ستنفذ قرار تعليق أنشطتها في حال استمرت ميليشيا الحوثي في نهب المساعدات. وكانت المنظمات الأممية قد علقت جميع الأنشطة الإنسانية في مناطق سيطرة الميليشيا منتصف الشهر الجاري، بعد الكشف عن عمليات فساد كبيرة أثناء توزيع المساعدات الإغاثية، فضلاً عن طلب تخفيف الضغوط عن المنظمات العاملة في اليمن.