ولّدت الإخفاقات الكبيرة والمتلاحقة للحكومة اليمنية، منذ نهاية حكم الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، إحباطاً وغبناً كبيرين في أوساط اليمنيين الذين علّقوا عليها آمالاً عريضة بعد الإمكانات الكبيرة التي وفرها لها الأصدقاء والأشقاء كي تسرع في إنهاء الحرب وتلتفت إلى تلبية احتياجاتهم اليومية، غير أن حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، عوضاً عن ذلك، انغمست في الأمور الثانوية والهامشية، بما في ذلك الفساد الإداري، ما أدى إلى تطاول أمد الحرب، وتردٍّ مريع في الخدمات حتى في المناطق التي تم تحريرها منذ بدايات اندلاع الحرب كالعاصمة عدن.

على مدى السنوات الماضية من عمر الحرب اليمنية، بقيت المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، تعاني من نقص الخدمات في المجالات كافة، بجانب انعدام الأمن، ويقول اليمنيون في المناطق المحررة إن «الوضع الاقتصادي الذي وصلوا إليه، أصبح لا يُطاق، ولا يتحمله المواطن رغم الإمكانات التي وفرتها دول التحالف دعماً للشعب اليمني عبر الحكومة».

 

مراكز القرار

وتزايدت المطالب الشعبية والفعاليات اليمنية، خلال الآونة الأخيرة، بإقالة الحكومة اليمنية، واستبدالها بحكومة كفاءات وطنية، لكن الرئيس اليمني لم يكترث لهذه المطالب وآثر إغلاق أذنيه عنها، ما رفع من حدة الغبن والغضب والإحساس بالظلم لدى الشعب اليمني في المناطق المحررة.

 ويرى مراقبون أن الشرعية اليمنية تم اختراقها من قبل حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان)، من خلال السيطرة على مفاصل حكومية بمراكز اتخاذ القرار، وفي كل المجالات، ومنها الجانب الاقتصادي والإداري التنفيذي، وهو الأمر الذي فاقم من حالة الترهل الإداري خصوصاً في القطاعات الخدمية.

وعملت هذه المنظومة الإخوانية إلى التمدد جنوباً لتمكين «الإخوان» من الإدارة التنفيذية، وإجراء عمليات تعيين ونقل تعسفية دون الأخذ في الاعتبار الكفاءة والخدمة. وطال الفشل الإداري حتى البعثات الدراسية اليمنية، حيث يواجه الطلاب اليمنيون المبتعثون إلى الخارج، حتى اليوم، انقطاع مستحقاتهم رغم توفر ميزانية كبيرة للحكومة.

وتدعو فعاليات يمنية إلى أهمية تحرير الشرعية من الإخوان والفاسدين، ونزع القرار من سطوة حزب الإصلاح إذا أرادت التعامل الواعي مع المشكلات والأزمات التي تعاني منها المناطق المحررة.

ويتفق المراقبون على أن نفوذ «الإخوان» لم يعد مقتصراً فقط على التفرد بمناطق معزولة، وإبقاء الرئيس هادي في عزلة عن الشعب اليمني، بل وصل إلى التحكم السياسي في المناطق المحررة، وعبر مكتب هادي، الذي تديره قيادات إخوانية، لافتين إلى أن الشرعية تتعامل بمعيارين مختلفين، «فهي سلَّمت الإخوان بعض المناطق المحررة، وإيراداتها وشأنها، وباتت الحكومة لا تستطيع أن تتحكم حتى بإقالة قائد أمني فاسد، مثل عناصر الإخوان، في وقت تتدخل بكل شيء فيما يخص بقية مسؤولي المحافظات المحررة، وتُقصي هذا وتبعد ذاك، لصالح تمكين آخرين موالين للجماعة، رغم أنهم لم يساهموا بتحرير ولا تأمين العاصمة والمناطق الأخرى».

حكومة مخترقة

يقول مراقبون يمنيون إنه الحكومة الشرعية المخترقة من قبل الإخوان، تتعامل بـ«بمعايير مزدوجة» مع القوى المقاومة للمشروع الحوثي الإيراني، وكان المفترض أن تتحول المعركة إلى مدخل لتجاوز التناقضات من خلال تنظيمها وإعادة بنائها، لتكون مصدر قوة للشرعية. لكن أطرافاً سياسية في الشرعية، موالية للإخوان، ظلت تتعامل مع الشرعية كبنية مغلقة، وحصرتها من خلال توزيع القوة لصالحها، وهذا خلق خللاً أدى إلى تنامي النزاع، وتراجع الاهتمام بالمواطن اليمني، الذي يفترض أن يكون محط الاهتمام الأول لأي حكومة.