بينما كان اليمنيون يعقدون الآمال على استكمال تنفيذ اتفاق إعادة الانتشار في الحديدة، والذهاب نحو محادثات الحل السياسي الشامل قبل نهاية العام الجاري، جاءت مغامرة تبني ميليشيا الحوثي للهجوم على معملين للنفط في المملكة العربية السعودية ليبدد كل تلك الآمال ويدفع بالبلاد نحو صراع لا ينتهي خدمة للمشروع الإيراني، وذلك بالرغم من أن دولاً كبرى، مثل الولايات المتحدة، تستبعد أن تكون الميليشيا هي التي نفذت الهجوم، لكنها تبنتها باعتبارها مجرد أداة من أدوات طهران.

مخاطر الحرب

المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، كان صريحاً في إفادته التي قدمها لمجلس الأمن وقال: إن الهجمات على منشآت النفط في المملكة وتبني ميليشيا الحوثي لها تهدد بزجّ ⁧اليمن⁩ في أتون نار حرب إقليمية. وأكد أنه «من غير الواضح من يقف وراء تلك الهجمات التي تبعد اليمن عن السلام»، وأنَّ تلك الحادثة خطيرة للغاية ومن شأنها أن تضاعف خطر اندلاع نزاع إقليمي، وتضعف فرص تحقيق أي تقارب لأنّ اليمن معني بذلك بطريقة أو بأخرى.

غريفيث وبلغة مغايرة لما اعتاد التخاطب بها قال: بكل صراحة ذلك مخيف للغاية بل هو حتمية تقف في وجه كل الحوارات المتعددة والمستفيضة التي أجريتها خلال الأسابيع الأخيرة مع أشخاص في المنطقة وفي اليمن وخارجه من أجل أن يتخذ الطرفان سلسلة من الخطوات المفضية إلى التهدئة. موضحاً أنه وأياً كانت المعلومات التي قد تتكشف عن الهجوم، فالمؤكد أنَّه إشارة بأنَّ مسار اليمن يبدو أنه يبتعد عن طريق السلام الذي يسعى إليه الجميع. وأن كل يوم تستمر فيه هذه الحرب يزداد تهديد الاستقرار الإقليمي.

أدوات إيرانية

ومع كل تقدم يحرزه المجتمع الدولي في سبيل استعادة السلام والاستقرار إلى اليمن وبدء تحركات دولية وإقليمية للتحضير لجولة محادثات شاملة يعمل الحوثيون كأدوات إيرانية نحو التصعيد أو الانقلاب على كل التعهدات كما حدث أثناء محادثات السلام في الكويت عام 2016 واتفاق ظهران الجنوب بشأن وقف القتال، وهو أمر اضطر المبعوث الدولي إلى إطلاق نداء جديد للمجتمع الدولي من أجل التحرك العاجل لمواجهة الحرب الدائرة باعتبارها سرطاناً ينتشر ويهدد وجود الدولة اليمنية.

وخلافاً لنبرة التفاؤل التي اعتاد المبعوث الدولي على التخاطب بها في كل مرة، نبه إلى أنه لم يعد بالإمكان تضييع المزيد من الوقت قبل المضي قدماً في إجراء مفاوضات تستهدف التوصل إلى حل سياسي للأزمة، محذراً من التصعيد العسكري، ومشيداً بالدور الذي تقوم به السعودية في احتواء الخلاف بين المجلس الانتقالي والحكومة ورعايتها لمحادثات جدة.

تبديد التقدم

غريفيث أبلغ المجتمع الدولي أنه حقق بعض التقدم في ⁧تنفيذ اتفاق استوكهولم بشأن إعادة الانتشار من الحديدة⁩، مع تفعيل آلية وقف إطلاق النار ولجنة التهدئة الثلاثية وإنشاء مركز عمليات مشترك، وتسلّم الأطراف اقتراحاً معدّلاً للمرحلة الأولى لإعادة الانتشار. وتعهد ببذل مزيد من الجهود مع أصحاب المصلحة اليمنيين المعنيين. مشيراً إلى أنه سيبدأ مناقشات غير رسمية ممنهجة مع مختلف أصحاب المصلحة بمن فيهم ممثلون عن الأحزاب السياسية والشخصيات العامة والنساء لأهم عناصر الترتيبات السياسية والأمنية التي ينبغي أن تحتويها اتفاقية سلام شاملة.

وإذ أقر غريفيث في إحاطته بأنه يقدم لمجلس الأمن صورة قاتمة للأوضاع في اليمن فقد دعاه إلى التحرك «الآن» وعلى وجه السرعة لوقف الحرب وتحقيق السلام، غير أن رد الميليشيا جاء خلافاً لهذه الدعوات، لتؤكد من جديد ارتهانها المطلق لإيران.