يحتج اللبنانيون خارج مؤسسات حكومية فاشلة يرونها جزءاً من نظام فاسد بأيدي النخبة الحاكمة، ويتظاهرون أيضاً خارج البنوك التي يعتبرونها جزءاً من المشكلة.

ويتهم المحتجون القادة السياسيين باستغلال موارد الدولة لتحقيق مكاسب شخصية من خلال شبكات محاباة ومحسوبية تتغلغل في السياسة والأعمال.

أين احتج اللبنانيون ولماذا؟

* مؤسسة كهرباء لبنان

يقع قطاع الكهرباء في قلب أزمة لبنان المالية، إذ يستنزف نحو ملياري دولار من أموال الدولة كل عام بينما يعجز عن توفير الطاقة على مدار الساعة.

وقال ضياء هوشر، الذي يشتغل بالكهرباء خلال مشاركته في احتجاج خارج مقر المؤسسة في بيروت «هذه واحدة من أبرز رموز الفساد. نحن ندفع فاتورتين واحدة للحكومة والأخرى للمولدات الكهربائية». وأضاف «المسألة كلها حول تقسيم الكعكة بصفقات عن شبكات طاقة وصيانة المحطات وصفقات مشبوهة في العلن والخفاء. كل وزير يأتي يقدم وعوداً ثم يذهب».

وقد يستمر انقطاع الكهرباء لساعات يومياً.

ويعتمد الأفراد والشركات على ما يسمى «بمافيا المولدات» الذين تربطهم في الغالب صلات بالسياسيين ويفرضون رسوماً ضخمة للحفاظ على التيار دون انقطاع.

وقال جاد شعبان أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية في بيروت: إن المنزل المتوسط يدفع ما بين 300 و400 دولار للكهرباء شهرياً. ويعادل الحد الأدنى للأجور في لبنان 450 دولاراً في الشهر. وأضاف أنها إهانة لكثير من الناس باستمرارهم في دفع رسوم خدمات تعاني من الأعطال وتمويلهم للأحزاب ولرحلات الزعماء الفاسدين.

وتتحدث الحكومة منذ سنوات عن خطط لإصلاح القطاع من بينها إقامة محطات كهرباء جديدة، وإصلاح الشبكة ووقف سرقة التيار، لكن اللبنانيين لم يروا تقدماً ملموساً.

وقالت الطالبة الجامعية ميا كوزا «يضطر الناس لاستجداء المزيد من حقوقهم. ساعات قليلة من الكهرباء في منازلهم. ينبغي أن تكون أحد أبسط الأمور. كفى إهانة».

* شركتا اتصالات الهواتف المحمولة

وعند مقر شركة لاتصالات الهواتف المحمولة، شكا محتجون من أنهم يدفعون بعضاً من أعلى فواتير الهواتف المحمولة في المنطقة.

وتوجد في لبنان شركتان فقط لتقديم الخدمة هما «ألفا» و«تاتش».

وقال رودي الحداد وهو طالب «تجني هاتان الشركتان الكثير من الأموال ولدينا بعض من أعلى أسعار الاتصالات. لا يمكننا تحمل ذلك مجدداً».

ونزل عمال للانضمام إلى المحتجين تعبيراً عن غضبهم من اعتزام الشركة تخفيض رواتبهم ومزاياهم، واتهموا الوزارة بمحاولة تقليص النفقات على حسابهم.

وأظهر تقرير نشر مؤخراً واطلعت عليه «رويترز» أن اللبنانيين ينفقون خمسة في المئة بالمتوسط من دخولهم على خدمات الاتصالات وذلك مقابل 1.4 في المئة في مصر و2.3 في المئة في الولايات المتحدة.

وقال شعبان إن الحكومة اللبنانية تعتمد على نموذج يصعب تحمله بفرض تعريفات مرتفعة لتمويل الإنفاق.

وكانت خطة جديدة لزيادة الإيرادات بفرض رسوم على المكالمات عبر تطبيق واتسآب من أسباب اندلاع الاحتجاجات قبل أسابيع.

وطالبت لجنة برلمانية بفتح تحقيق في احتكار الشركتين لخدمات الاتصالات ما أثار تساؤلات بشأن مناقصات زائفة وتبديد للمال العام. وقالت اللجنة إن تكاليف التشغيل قفزت 29 في المئة بين عامي 2017 و2018.

واستدعت النيابة آخر وزيرين للاتصالات لتقديم تفسيرات عن الإنفاق داخل الوزارة.

* قطاع المصارف

وخارج البنوك، شارك الناس في احتجاج ضد سياسات يقولون إنها تسببت في حرمان الأفراد العاديين من القروض مع ارتفاع معدلات الفائدة.

وقالت الطالبة فاطمة جابر (22 عاماً) خلال مشاركتها في احتجاج أمام مصرف لبنان المركزي ببيروت «معدلات الفائدة مرتفعة للغاية ولا نقدر عليها».

وزادت الأمور سوءاً بعدما نشرت صحيفة محلية مقتطفات من تقرير رسمي الشهر الماضي أشارت إلى أن لبنانيين بارزين استفادوا من قروض إسكان مدعومة.

وقال مسؤول لبناني لـ«رويترز» إن كثيراً من مسؤولي الدولة استفادوا من مثل هذه القروض التي كانت مخصصة لمساعدة غير القادرين على شراء منازل.

وقالت فاطمة إن ذلك أحد أسباب نزولها إلى الشارع.

ويقول منتقدو المصارف إنها جنت أرباحاً طائلة على الرغم من الركود بينما يقول مصرفيون إن القطاع أكبر مصدر لإيرادات الضرائب بالقطاع الخاص.

وكانت الحكومة قد خططت لفرض ضريبة استثنائية على أرباح البنوك في إطار مجموعة من الإجراءات العاجلة.

ويرى المدافعون عن القطاع أنه إحدى دعائم الاستقرار، ويقولون إن رفع أسعار الفائدة ناجم عن مساعي البنك المركزي لتعزيز الاستقرار المالي.

وخلال احتجاجه خارج المصرف المركزي بمدينة صيدا في الجنوب قال محمد يونس إنه يتخذ موقفاً «ضد نهج مالي جعل الناس أكثر فقراً وجوعاً».