استيقظت قرية وادي العقوم في مديرية الدريهمي جنوب محافظة الحديدة باكراً كعادتها، وبدأ رجالها بالتجهز للتوجه إلى أعمالهم، حيث يشتغل أغلبهم في صيد الأسماك، فيما انصرفت النساء لإعداد الفطور.
كان كل شيء يسير بشكل طبيعي حتى ذلك الوقت، وفجأة دوى انفجار كبير عند أطراف القرية، فأحدث جلبة وسط السكان الذين استنفروا وبدأوا بالترقب.
لم تصب القذيفة، التي أطلقتها ميليشيا الحوثي من مواقعها القريبة، أحداً لكنها بدت كنذير شؤم في صباح لا يبدو أنه سينتهي بسلام كما بدأ، إذ لم تمر سوى بضع دقائق حتى سقطت القذيفة الثانية وسط المنازل هذه المرة، وتلتها ثالثة أصابت أحد المنازل بشكل مباشر، ثم انهمر الحقد الحوثي على القرية بصورة جنونية اضطرت سكانها إلى الهروب للنجاة بأنفسهم لكن الميليشيا التي اعتادت على ممارسة الجرائم الوحشية لم تكن لتقتنع بمنظرهم وهم يجرون أطفالهم ويهرعون بحثاً عن ملجأ آمن يقيهم شرها بل أرادت أن ترى ما هو أبشع من ذلك.
مجزرة الطريق
زهراء عايش 35 عاماً كانت شاهدة على مجزرة الميليشيا بقريتها والتي فقدت فيها زوجها عادل، تقيم زهراء مع أطفالها في مخيم الجشة بمدينة الخوخة منذ تهجيرها من قرية العقوم وتروي لـ«البيان» أحداث ذلك اليوم الذي حولها دون سابق إنذار إلى أرملة تعيل ستة أطفال.
كانت الميليشيا قد اعتقلت زوجها وزجت به في سجونها لمدة عام و8 أشهر دون تهمة محددة وبعد الافراج عنه بايام حدث الهجوم الحوثي على القرية وبدأت رحلة الهروب الجماعي.
انفجار
وتضيف: «كنت أجري أنا وعادل وأطفالي الخمسة، ولم أكن أعلم أني حامل بطفلة وقتها، ثم توقف زوجي حينما رأى عجوزاً لم تستطع اللحاق بالهاربين، التفت إلي وقال خذي الأولاد واجري بهم سريعا وأنا سأعود لأحملها وألحق بكم.. ابتعدنا قليلاً عن القرية وكان الحر شديداً فتوقف زوجي ليستريح تحت شجرة، حيث كان متأخراً تفصلني عنه مسافة خمسين متراً، وضع العجوز على الأرض وأشار إلي بيده أن أواصل السير، وجلس بجواره والده وجدي وجدتي و4 آخرين. مضيت عدة خطوات فقط ثم ارتجفت وسقطت على الأرض أحضن أولادي، خفت كثيراً أن ألتفت فقد كان ثمة هاجس يخبرني أن هذه القذيفة بالذات ليست ككل سابقاتها بل إن هذا الدوي المرعب يحمل معه شيئ مهول وحين نظرت إليهم تأكد لي ما كان هاجسا حيث كانت استهدفتهم القديفة بدقة وكان منظرهم أشلاء».