اتخذ الحوثيون من جامعة صنعاء وكراً لأجهزة استخباراتهم بهدف السيطرة على المؤسسات التعليمية وتغيير بنيتها الأكاديمية عبر تعيين شخصيات ذوي انتماء مذهبي، فيما فرضت الميليشيا قبضتها الخانقة على الجامعة وطلابها ومدرسيها، وسط حملات اختطاف واعتقالات في صفوف طلاب وطالبات الجامعة صنعاء بين الفترة والأخرى.

وتسعى الميليشيا لتثبيت عناصرها في كل مفاصل جامعة صنعاء عبر جملة من الإجراءات على رأسها التضييق على الأكاديميين بقطع رواتبهم وصرف نصف راتب مرة في كل عام، واستهداف كل من لا يتوافق مع تطرّفها.

وأقدمت قيادة رئاسة الجامعة ممثلة في أحمد الدغار المعين من قبل الميليشيا على فصل 183 من الأساتذة الأكاديميين ومساعديهم دفعة واحدة، وإيقاف رواتب العشرات من كوادر هيئة التدريس، ما تسبب في موجة احتجاجات منددة بممارساتها وانتهاكاتها بحق العملية التعليمية.

كما أغلقت الميليشيا قسمي الفلسفة والتاريخ في الجامعة بزعم ضعف مردودهما المالي.وأكّد أكاديميون في جامعة صنعاء فضلوا عدم الإفصاح عن أسمائهم لـ«البيان»، أنّ الميليشيا تستخدم الجامعة لتأهيل بعض كوادرها خارج إطار القانون، عبر إنشاء دبلوم زراعي والذي لا وجود له في تخصصات الجامعة، فيما الموجود بكالوريوس زراعي.

وأوضح الأكاديميون أن أحد منابع الخطر يأتي من إقدام الميليشيا على تسجيل 300 حوثي في برنامج الدبلوم الزراعي والتحجج بأنهم كانوا يعملون في القطاع الزراعي من قبل ولديهم شهادة ثانوية عامة، مشددين على أنّ اختيارهم لم يكن مبنياً على معايير ولا مفاضلة، في تعدٍ على أهم مبادئ الدستور اليمني الممثل في المساواة بين اليمنيين.

وتهدف الميليشيا من وراء هذه الخطوة، وفق الأكاديميين، لتوزيع هؤلاء على عدد من المناطق ليصبحوا مصدراً للجبايات ومن ثمّ السيطرة على مفاصل القطاع الزراعي.وتخشى ميليشيا الحوثي من طلاب جامعة صنعاء لصعوبة إقناعهم بأفكارها المتطرّفة والتغرير بهم.

وأقدمت الميليشيا على استحداث جهاز استخباراتي في أوساط الطلاب والعاملين والكادر التعليمي في الجامعة، مهمته الأساسية جمع المعلومات عن كل منتسبي الجامعة وأنشطتهم وتوجهاتهم السياسية، ورفع تقارير أسبوعية إلى جهاز الأمن الوقائي الحوثي. وأنشأت الميليشيا «ملتقى الطالب الجامعي» في الجامعة والكليات، ككيان بديل لاتحاد طلاب اليمن الذي حلّته الميليشيا، واعتقلت قيادته عقب استيلائها على صنعاء.

وقالت مصادر أكاديمية لـ «البيان»، إن الملتقى الجامعي الحوثي وعبر ما يقوم به من أعمال ونشاطات سرية ومشبوهة وخطيرة، يُعد جهازاً استخباراتياً سرياً خصصته الميليشيا لخدمة مشروعها الطائفي داخل الجامعة.

فوضى واعتقالات

وتوسعت الفوضى في جامعة صنعاء لتطال جميع مرافق وأقسام الجامعة، مع استمرار تضييق الخناق على الطلاب وهيئة تدريس الجامعة لضمان بسط نفوذها الكامل على أعلى مؤسسة جامعية وأكاديمية في اليمن.

وأشارت مصادر طلابية، لوجود عمليات نهب وعبث حوثي واسع طال أموال ومحتويات ومقدرات الجامعة، فضلاً عن سلسلة من المضايقات والاعتداءات والاعتقالات الحوثية الهمجية بحق المئات من مسؤولي وطلاب وموظفي وأكاديميي الجامعة.

وضمن إجراءاتها التي تُعبِّر عن مخاوفها من ظهور احتجاجات ضدها، شنّت عناصر حوثية مسلحة حملة اختطافات واعتقالات واسعة في صفوف طلاب وطالبات جامعة صنعاء، حيث اعتقلت عشرات الطلاب في الجامعة بتهمة تشكيل تكتل طلابي مناهض للتدخل الإيراني وفضح فساد الميليشيا، ورفض سياسة التجويع الحوثية.

اقتحامات

وأوضحت المصادر، اقتحام عناصر حوثية على متن أطقم عسكرية كليات الإعلام والآداب والتربية والتجارة، واعتقال عدد من الطلاب، واقتيادهم لأماكن مجهولة، مع وضع طلاب آخرين تحت الرقابة بالتجسس عليهم وتفتيش جوالاتهم ومراقبة تحركاتهم.

يقول أحد الطلاب لـ«البيان»: «اختطفت الميليشيات، طلاب من كلية التجارة بقسم المحاسبة أثناء اجتماعهم لمناقشة آلية إعداد بحوث مشتركة، وتقسيم المهام والتكاليف فيما بينهم، فيما وشى بهم أحد زملائهم الموالي للميليشيات بأنهم ينوون تشكيل تكتل رافض للحوثيين».