ضرب السوداني الصادق سمل أروع الأمثال في التسامي على الأوجاع والترفع عن حظوظ النفس الضيقة لما هو أرحب، فسمل (المُعلم) الذي فقد ابنه (عبد الرحمن) الطالب بجامعة الخرطوم خلال التظاهرات التي أطاحت بحكم الرئيس عمر البشير، ظل ملهماً لشباب الثورة السودانية، وهو يقدم الدرس تلو الآخر في علو النفس والتصالح، والثبات على المواقف دون انكسار.
لم يسجن نفسه بالانتقام والثأر بقدر ما زادته صلابته في المضي لتحقيق الحلم الذي من أجله قدم ابنه ورفاقه الذين حصدت أرواحهم آلة القتل التي استخدمها نظام البشير لوأد ذلك الحلم، فجعل الصادق سمل من مواقفه تجاه جيل الثورة وتضحياته، ايقونة للحياة، تقوم على التسامي والأمل، والعمل لإنجاز أهداف (الجيل الجديد) الذي تفتحت عينيه على بلد يتراجع للخلف بفعل من حكمه لعقود ثلاثة.
يقول: إن كل مواقفه قائمة على مصدر وحيد وهو التزامه الأخلاقي تجاه جيل الشباب الحالي الذي يرى بأنه مدين له بالكثير، ويضيف: «وهو الجيل الذي قربني إلى فهمه و عشقه ابني عبدالرحمن الذي كنت كلما أحاول أن أقوم بواجبات تنشئته وتربيته يُعيد تربيتي وتنشئتي وصياغة عقلي وروحي ووجداني».
ويتابع سمل وهو يجعل من صفحته على موقع (الفيسبوك) منبراً لبث الوعي والأمل:«من المهم أن يلتزم الإنسان الأخلاق فيما يؤمن، ويفعل أي كان ذلك العمل سواء كان عملاً يكدح فيه، أو عقيدة يؤمن بها دينياً، أو سياسياً، لتُخرِج أفضل ما فيه»، وضيف «هذا بالضبط ما يفعله هذا الجيل فهو لا يفصل ما بين القول والفعل أو النظرية والتطبيق وهذا بالضبط ما أقصده بالالتزام الأخلاقي وهذا ما تعلمته منهم».
ويؤكد سمل مواقفه الداعمة لحُلم جيل ابنه (الشهيد)، إذ يقول «لهذا الجيل كامل الحق في أن يصيغ حياته وفق ما يرى، ويؤمن، وأن يحلم بما يراه مناسباً، لا أن يعيشوا على ركامنا السياسي القديم، أو صراعنا التاريخي الذي لم يكونوا جزءاً منه، ولا أحلامنا بعوالم لا تشبه عوالمهم».
موقف سمل ظل صامداً ولم تهزه همهمات العاتبين عليه، وهو يؤكد على أحقية جيل ابنه في الحياة، وهنا يقول: «موقفي الآن أن أسهم في تأكيد حقهم في الحياة أولاً، وأنا حين أخاطب القتلة بالاعتراف والتطهر في إطار منهجية العدالة الانتقالية، ساعياً لكشف الحقائق وفتح المجال إلى المساءلات الجنائية»، ويتابع «ربما يكون هو طريق لا يناسب قناعاتك السياسية، ولكنه بالضرورة لا يتعارض مع التزاماتك الأخلاقية، إن أخترت أن تضفيها عليها.. وإن فعلت فعندها فقط سنكون أنت وأنا إنسانيون أولاً، ثم بعدها ما نحن عليه من مواقف».