رغم انتهاء المدة التي حددها التحالف العربي لوقف إطلاق النار من جانب واحد في اليمن، ورفض ميليشيا الحوثي الالتزام بذلك الإعلان، إلا أن الجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتحدة، والأعداد الكبيرة للوفيات كل يوم في اليمن نتيجة جائحة فيروس كورونا، لا تزال تحاصر ميليشيا الحوثي وتدفعها نحو خيار السلام.

ووسط ضغط شعبي كبير على الميليشيا للإقرار بأعداد ضحايا فيروس كورونا وبفشلها في مواجهة الفيروس الذي يقتل العشرات يومياً في مناطق سيطرتها، يواصل المبعوث الأممي مارتن غريفيث نقاشاته الأخيرة مع الحوثيين بهدف إنجاز اتفاق لوقف إطلاق النار، وتشكيل فريق موحد لمواجهة الجائحة قبل انعقاد مؤتمر المانحين لليمن الذي سينعقد في السادس من يونيو، ويهدف إلى جمع نحو مليارين ونصف المليار دولار لعمليات الإغاثة ولمواجهة جائحة كورونا.

ولأن ميليشيا الحوثي اعتادت استخدام القضايا الإنسانية والسكان في مناطق سيطرتها، ورقة لابتزاز العالم، فإن مساعيها للتغطية على حجم الكارثة التي تعيشها العاصمة اليمنية صنعاء ومدينة إب بسبب تفشي فيروس كورونا، فشلت مع تحدي السكان لهذه الخطوة، ونشر الأسر أسماء أقاربهم الذين أصيبوا أو قضوا نتيجة الإصابة بهذا الفيروس القاتل، وتوثيق الجنائز اليومية التي حولت هاتين المدينتين إلى مناطق للرعب.

وتحت هذه الضغوط والفاجعة التي يعيشها السكان في مناطق سيطرة الميليشيا، تقترب الأمم المتحدة للمرة الأولى منذ محادثات السلام التي عقدت في الكويت منتصف عام 2016، من إبرام اتفاق للسلام من شأنه أن يجنب عشرات الآلاف من اليمنيين الموت إذا لم تعمل ميليشيا الحوثي على إفشاله في اللحظات الأخيرة، بعد أن تجاوزت النقاشات معظم القضايا الأساسية التي كانت محل خلاف بين الشرعية وهذه الميليشيا.

ويزيد من فرص نجاح مهمة الأمم المتحدة هذه المرة، أن الدول المانحة لليمن، وفق تأكيدات مصادر سياسية رفيعة، ستربط أي أموال ستتبرع بها، بوجود إدارة موحدة لمواجهة جائحة كورونا، لضمان إزالة كافة العقبات التي تضعها ميليشيا الحوثي أمام عمل المنظمات الإغاثية ووكالات الأمم المتحدة في مناطق سيطرتها، كما أنها ستؤكد دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى وجوب وقف القتال فوراً والتفرغ لمواجهة هذه الجائحة، وهي الدعوة التي رحبت بها الحكومة الشرعية والتحالف العربي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.

وبما أن الخيارات محدودة أمام الميليشيا للتنصل من استحقاقات السلام، سواء في عجزها وفشلها في التعامل مع جائحة كورونا، أو القدرة على تحمل الأزمة الاقتصادية الهائلة المترتبة عليها، مع مواصلة العملة المحلية انهيارها في مقابل الدولار، تضاف إليها الانتصارات العسكرية الكبيرة التي تحققها القوات المشتركة في جبهات محافظة الجوف وفي الساحل الغربي وفي محافظة البيضاء.