أكّد أكاديميون فرنسيون، أن خطوات السلام المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا من شأنها خلق حالة «تكامل ديموغرافي» لأول مرة منذ عقود، وسلك طريق تطبيق «التنمية المستدامة»، الذي تسعى أغلب الدول في المنطقة لتطبيقه بخطى بطيئة جداً مثقلة بكثير من العراقيل الداخلية والخارجية، والأهم التفاف القيادة العربية حول رؤية واضحة لتحقيق السلام قائمة على مبدأ «المنفعة المشتركة»، للوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف وتضمن حقوق الفلسطينيين في دولة عاصمتها القدس الشرقية، وهي الرؤية التي كان حتى وقت قريب التفكير فيها يعد خيالاً.

منفعة مشتركة

وقال ألكسندر إريك، أستاذ السياسة بجامعة «السوربون» لـ«البيان»، إن «المنفعة المشتركة» هي أهم مبدأ في العلاقات الدولية وضامن وحيد لنجاح أي اتفاقيات أو علاقات بين دولتين أو أكثر، ومعاهدة السلام التي بادرت بها دولة الإمارات، وتبعتها البحرين والسودان والمغرب، بما يحقق التواصل المباشر بين دول المنطقة وإسرائيل، ضمنت نصف المشوار لمصلحة العرب، أولاً حققت الحوار المباشر، ومكنت الزعماء العرب من ورقة ضغط فريدة لم تكن موجودة من قبل، وهي السلام مقابل العلاقات وتبادل المنفعة، ما يضع إسرائيل أمام خيار واحد وهو السعي لحل الصراع «الإسرائيلي الفلسطيني»، بما يضمن حق الفلسطينيين في وطن ذي سيادة وعاصمته القدس الشرقية، وهذا سيتحقق قريباً من دون شك، ما يعني نهاية عقود طويلة من الصراع من دون طلقة رصاص واحدة، وهي أعظم عملية سلام في التاريخ.

تنمية وسلام

وأضاف، آلان فينيست، أستاذ الاقتصاد بجامعة «باريس الحرة»، إن جل دول منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا سلكت طريق «التنمية المستدامة» منذ سنوات طويلة، ولكنها لم تحقق أي نتيجة ملموسة نتيجة تحديات داخلية وخارجية عديدة، وأهمها استنزاف الموارد والقدرات في صراعات لم تحقق أي نتيجة، صراعات خارجية وداخلية، الإرهاب والجهل والفقر أهم المعوقات المستعصية على الحل تقريباً، والسلام الآن سيخلق تواصلاً بين القوى الإقليمية، وسيحقق تعاوناً مفيداً للجميع على كافة الأصعدة «الأمنية، والعسكرية، والزراعية، والتجارية، والثقافية، والتعليمية، والرياضية» وهذا يعني تقدماً جماعياً سريعاً، واستفادة على نهج علمي وعملي من خيرات المنطقة الضائعة في صراعات مفتعلة.

تكامل شامل

وأكدت أنيت باتريك، أستاذة علم الاجتماع بجامعة «مرسيليا»، أن السلام سيخلق تكاملاً ديموغرافياً، فكل دولة في المنطقة تمتلك مقومات طبيعية وبشرية مختلفة، ولأسباب عديدة هناك حالة تباعد ناتجة عن سياسات خاطئة في السابق، الآن نرى الخريطة الديموغرافية تتغير، والشعوب تتواصل بشكل أكبر وبعقلانية ملحوظة، نابذين العنف والصراعات، الشعوب الآن أصبحت مستعدة لاستقبال سياسة السلام الشامل، بل مرحبين بها، الاستقرار والسلام والحاجة للتنمية أهم سلعة يحتاجها المواطن في المنطقة، ومعاهدة السلام التاريخية التي أطلقتها دولة الإمارات وتلقفتها الشعوب قبل الأنظمة ورحب العالم بها ودعمها، خير دليل على ذلك.