شهدت الدولة الجزائرية دساتير وتعديلات دستورية عدة منذ استقلالها العام 1962 كان أولها دستور عام 1963، الذي أسس لجمهورية الحزب الواحد، وهو حزب جبهة التحرير الوطني، ويختار كل مرشح قبل أن ينتخب عليه الشعب لكن ذلك الدستور لم يدم طويلاً بعد تسلم الرئيس الراحل هواري بومدين مقاليد الحكم في 19 يونيو 1965 إذ أوقف العمل بالدستور الأول وطبقت الجزائر ثاني دستور في البلاد العام 1976 والذي حمل الطابع الاشتراكي، غير أن الأمور تطورت وتغيرت في عقد الثمانينات مع انخفاض سعر النفط، وضعف النظام الاشتراكي ما أدخل الجزائر في عدة أزمات فغيرت حكومة الرئيس الشاذلي بن جديد حينها الدستور العام 1986 في اتجاه الرأسمالية.

ومن ثم اُعتُمِدَ دستور جديد في العام 1989 سمح فيها بتكوين أحزاب أخرى ليأتي لاحقاً الرئيس اليامين زروال وأطلق تعديلات دستورية جديدة العام 1996، الذي أكد حرية التجارة وحرية تأسيس الأحزاب وعند تولي الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة الحكم عدل الدستور العام 2002 ثم عدله مرة أخرى العام 2008 ليلغي عدد العهدات المنتخبة ولكنه مع تعديل العام 2016 أعاد رد المادة كما في السابق، وأيضاً جعل المادة التي تتكلم على العهدات ضمن المواد التي لا تعدل.

وبعد الحراك الشعبي الذي شهدته الجزائر فبراير 2019 والذي نجح في إسقاط العهدة الخامسة التي كان يخطط لها نظام بوتفليقة وتنظيم انتخابات حرة نجح فيها المرشح عبدالمجيد تبون بحصوله على 58.13 في المئة من الأصوات قبل أن يؤدي اليمين يوم 19 ديسمبر 2019 ويتسلم مهامه رئيساً للبلاد.



وسرعان ما أعلن تبون عن عزمه إجراء تعديلات دستورية جديدة صوت عليها الشعب بـ«نعم» في أول نوفمبر الماضي وذلك بـ66,8 في المئة من الناخبين الجزائريين.



وقبل الاستفتاء، قال تبون في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الرسميّة إنّ «الشعب الجزائري سيكون مرّة أخرى على موعد مع التاريخ، من أجل التغيير الحقيقي المنشود، من خلال الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، من أجل التأسيس لعهد جديد يُحقّق آمال الأمّة وتطلّعات شعبنا الكريم إلى دولة قويّة عصريّة وديمقراطيّة».



تضمنت التعديلات الدستورية، عدداً مهماً من المواد والتعديلات الجديدة، منها ما يتعلق بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، الحقوق الأساسية والحريات العامة والواجبات، تنظيم السلطات والفصل بينها، مؤسسات الرقابة والهيئات الاسـتشارية أهمها المادة التي تنص على أن مدّة العهدة الرّئاسيّة خمس سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة بحيث لا يمكن لأحد ممارسة أكثر من عهدتين متتاليتين أو منفصلتين، وفي حالة انقطاع العهدة الرئاسية بسبب استقالة رئيس الجمهورية الجارية عهدته أو لأيّ سبب كان، تُعد عهدة كاملة. وفي باب مؤسسات الرقابة، جاء من بين المواد الجديدة، مادتان تم من خلالهما استحداث محكمة دستورية بدلاً عن المجلس الدستوري، وتعد المحكمة الدستورية في الدستور الجديد، مؤسسة مستقلة مكلفة بضمان احترام الدّستور.



وفي مجال حرية التعبير تم إجراء بعض التعديلات بحيث تضمن حرية الصحافة على وجه الخصوص.