لا تزال حوادث القطارات تثير لغطاً واسعاً في مصر، لجهة تعددها وحصدها كثيراً من أرواح الأبرياء، لا سيما في الفترة الأخيرة التي شهدت حوادث متعاقبة، في الوقت الذي تسابق فيه السلطات المصرية المعنية الزمن من أجل إنجاز مهمة تطوير السكك الحديدية، وتفادي تلك الكوارث مستقبلاً.



وبموازاة الحديث عن مُسببات تلك الحوادث، أثير بالقاهرة على مدار الساعات الأخيرة «الدور الذي تقوم به عناصر منتمية لتنظيم الإخوان داخل هيئة السكك الحديد»، وهو الدور الذي تحدث عنه النائب مصطفى بكري، خلال جلسة أمس، وأقر وزير النقل كامل الوزير - أثناء الجلسة ذاتها - بوجود عناصر منتمية للإخوان داخل الهيئة. وبالتالي طالب الوزير مجلس النواب بإجراء تعديل تشريعي يُتيح الإطاحة بتلك العناصر، على أن يتم إدخال القانون ضمن «قانون الخدمة المدنية»، بما يسمح بفصل العناصر المنتمية للإخوان في أجهزة ومؤسسات الدولة.



تصريحات الوزير أعادت إلى الواجهة من جديد الحديث عن تغلغل عناصر الإخوان ببعض مؤسسات الدولة، والدور المشبوه الذي يمكن أن يلعبوه بوصفهم عناصر «إثارية» عادة ما تثير الأزمات لإثارة الرأي العام، طبقاً للوزير.



وكشف مصدر برلماني مصري في تصريحات لـ «البيان» الأبعاد القانونية لتلك التعديلات التي يتجدد الحديث بشأنها، مشدداً على أن ثمة فرقاً بين «العناصر المنتمية للتنظيم والصادرة ضدها أحكام قضائية أو تم إدراجها على لائحة الإرهاب»، والعناصر الإخوانية غير الصادر بحقها أحكام قضائية، والتي لم تُتهم في قضايا إرهابية.



أما بالنسبة للعناصر الصادرة بحقها قرارات قضائية، فلفت المصدر إلى أنه «في البرلمان السابق، كانت هناك جهود مبذولة من أجل إصدار قانون لعزل الإخوان من مؤسسات الدولة، ودارت مناقشات واسعة في هذا الإطار مع المعنيين في البرلمان ووزارة العدل ومجلس الوزراء، وخلص الأمر إلى اعتبار أن قانون مكافحة الإرهاب يكفي بالغرض؛ على اعتبار أن الصادر ضدهم أحكام قضائية يفتقدوا بالتبعية شرط حسن السير والسلوك المؤهل لشغل الوظيفة، وبالتالي يتم عزلهم عن وظائفهم الحكومية». ووفق المصدر، فإن «الإشكالية كانت في العناصر المنتمية للتنظيم والتي لم تصدر ضدها أحكام، والتي لم تُتهم في أعمال عنف وإرهاب.. وهؤلاء قد يتم استخدامهم من قبل الإخوان في عمليات مختلفة أو من أجل الحصول على معلومات بعينها من واقع وظائفهم المسؤولة في أجهزة الدولة، وفي الوقت نفسه لا يمكن عزلهم إلا مع وجود حكم قضائي صادر ضدهم».



وكشف البرلماني الذي سبق وقدّم مشروعات قوانين مرتبطة بوضع الإخوان في المجتمع ولاسيما في مؤسسات الدولة مطالباً بعزلهم، عن البوابة الوحيدة من أجل عزل تلك العناصر التي قد تشكل تهديداً - كما يحدث في هيئة السكك الحديدية - وذلك من خلال إجراء تعديل تشريعي على بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1972 بشأن الفصل من دون إجراءات تأديبية، تمنح مدير المؤسسة أو الوزير المختص حق تحريك دعاوى ضد أي موظف أو مسؤول متهم بانتمائه للإخوان أو تبنيه أفكار متطرفة، مع تقديم ما يثبت ذلك من أدلة، لاستصدار حكم قضائي ضده، ومن ثمّ يتم عزله من وظيفته في إطار القانون.



لكن المصدر تحدث عن أهمية أن يتم فتح نقاشات واسعة حول ذلك التشريع، ومناقشة ارتباطاته المختلفة، لا سيما أنه ملف حساس، ومرتبط بملفات أخرى عدة، من بينها ما هو مرتبط بحقوق الإنسان، وبالتالي فطرح ذلك التعديل التشريعي يتطلب نقاشاً واسعاً مع فقهاء القانون ووزارة العدل وحتى وزارة الداخلية والجهات المعنيّة؛ لإخراجه بشكل دستوري وقانوني، ليحقق الغرض المطلوب منه وهو إقصاء أصحاب الأفكار المتطرفة والمنتمين للإخوان من الوظائف التي قد تتيح لهم إرسال معلومات أو خلافه للتنظيم. وقال إنه «في إطار دراسة التعديل التشريعي يتطلب وضع أطر وآليات لحماية حقوق الموظف، خشية أن يفتح المجال أمام البلاغات الكيدية أو غير ذلك، وهو من بين المعضلات التي ينبغي مناقشتها وحسمها حال النظر في مثل تلك التشريعات».