تعتبر قضية الأمن الغذائي مهمة للغاية بالنسبة للإنسان أيا كان مكانه ومكانته فهو يعني قدرة الناس في الحصول على الغذاء الصحي والكافي الذي يُلبي احتياجاتهم الأساسية وبشكلٍ دائم.الا ان الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية، وتزايد الفوارق بين الإنتاج وعدد السكان.
أحدث فجوة كبيرة خاصة في الوطن العربي بلغ حجمها في عام 2010 قرابة 40 مليار دولار، في ظل تواصل ارتفاع عدد السكان بمعدل سنوي يصل إلى نحو 2.5 في المائة ليبلغ تعدادهم قرابة 400 مليون نسمة. وكل ذلك أحدث واقعا مريرا القى بظلاله على الشرائح الفقيرة.
وفي ظل عدم القدرة على الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية خاصة القمح والذرة وبقية الحبوب والفواكه والخضروات، فكان المخرج هو اللجوء للاستيراد وباتت روسيا هي المصدر الأكبر للدول العربية وبنسبة 33% واميركا 14% تليها كندا 13% وتتفاوت المعدلات من دول أخرى. ويحدث كل ذلك في ظل غياب الخطط الحكومية بما يحقق الأمن الغذائي، بإنشاء المستودعات الخاصة بالسلع..
وزيادة عدد الصوامع، والتركيز على دعم الزراعة الداخلية والخارجية والسعي لتحسين نظام تخزين المياه ودعم مشاريع الري الحديث ووضع أسس متكاملة لمكافحة الآفات الزراعية وتطوير سلالات مختلفة من المحاصيل. وتوسيع الرقعة الزراعية لتأمين الغذاء الكافي وبما يعزز البنية الاقتصادية والتنموية لأي بلد.
والوطن العربي مطالب بحل أزماته من خلال التعاون المشترك وهناك عوامل عدة تساعد على ذلك منها المساحات الشاسعة والتربة الخصبة الصالحة للزراعة والعمالة الجيدة والامكانات المالية والخبرات والكفاءات في المجال. وكل ذلك يمكن ان يساعد في درء الخطر المقبل الذي يشير إلى أزمة غذاء على غرار تلك التي وقعت منذ سنوات، وجعلت أكثر من مائة مليون ينضمون لطوابير الجوعى في العالم.
السعودية تبحث عن وفرة مقومات الاستثمار في الخارج
يعد الأمن الغذائي أبرز تحديات الدول لدوره الحيوي في استقرار المجتمعات، ومكافحة الجوع والفقر الذي تعاني منه أكثر الشعوب العربية، فيما تتوافر الأراضي الزراعية الخصبة والمياه والموارد الطبيعية في دول تعاني شحاً في الإمكانات المادية والفنية، فضلاً عن عدم الاستقرار السياسي، بينما تعاني الدول الغنية ذات الإمكانات المادية والفنية من الفقر المائي وشح الأراضي الزراعية،.
الأمر الذي يجعل تحقيق الأمن الغذائي العربي معادلة صعبة تتطلب تضافر جهود الدول جميعها. وتعد مبادرة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز للاستثمار الزراعي في الخارج، أحد العوامل المهمة التي ستحقق خلال الفترة المقبلة تطوراً ملحوظاً في معدلات الأمن الغذائي العالمي، غير أن الأوضاع المضطربة عربياً شكلت عقبة في طريق تلك الاستثمارات، في ظل توجه سعودي سابق نحو توجيه بعض استثماراتها للزراعة في تلك البلدان.
قال وكيل وزارة الزراعة للأبحاث والتنمية الزراعية والمتحدث الرسمي للوزارة: إن الاستقرار السياسي والاجتماعي يأتي على رأس قائمة مقومات جذب الاستثمارات الزراعية السعودية للخارج، إلى جانب المقومات الأخرى المرتبطة بجودة البيئة للاستثمار الزراعي، ومبادرة خادم الحرمين الشريفين للاستثمار بالخارج، تحقق الأمن الغذائي ليس للسعودية فقط بل للدول التي يتم فيها الاستثمار..
حيث إن نسبة من الإنتاج تباع في السوق المحلي، مع توفيرها فرصاً وظيفية، وتحسين البنى التحتية بمختلف أنواعها. وحول الدول المستفيدة من المبادرة، قال الشهري حددت الدول المستهدفة للاستثمار بناء على مسوحات فنية واقتصادية وهي: السودان ومصر وإثيوبيا وتنزانيا وأوغندا والسنغال وجنوب إفريقيا ومالي وكينيا والنيجر وباكستان وكازاخستان والفلبين ..
وفيتنام وأستراليا وتركمانستان، وأوزبكستان وقرغيزستان، وإندونيسيا والهند والصين وأوكرانيا وتركيا وروسيا ورومانيا وبولندا وبلغاريا والأرجنتين والأوروغواي، وكندا والبرازيل، وأشار إلى أن مبادرة الأمن الغذائي السعودي، حددت منتجات بعينها هي الأرز والحبوب الزيتية والقمح والسكر والشعير والأعلاف الخضراء والذرة والمنتجات الحيوانية والسمكية وفول الصويا.
مهددات عدة
ومن جهته، قال الخبير والمستثمر الزراعي صالح بن عمر العفاق، إن انعدام الأمن الغذائي يعتبر من أهم مهددات الاستقرار والأمن على المستوى المحلي والقومي والإقليمي والدولي، كون الطعام هو أول مقومات الحياة.
وعدم توافره بالصورة المطلوبة يؤدي إلى الاضطرابات والفوضى واختلال الأمن، غير أن غالبية الدول العربية فشلت في تحقيقه لشعوبها، الأمر الذي تسبب في ثورات الربيع العربي وتزايد الاضطرابات الأمنية، وأوضح أن العرب فشلوا حتى الآن في تسخير إمكاناتهم المادية والبشرية لتحقيق الأمن الغذائي، فازدادت أعداد الفقراء والجوعى في معظم الدول.
وذلك على الرغم من توافر الإمكانات، حيث إن 45% من العرب يقطنون في الأرياف ونحو 31% من قوة العمل تعمل في الزراعة، وتميز الوطن العربي بوجود مساحات واسعة من الأراضي الذراعية وتوافر تريليونات الدولارات المستثمرة في الخارج، إلا أن أغلب دولنا تستورد الغذاء من الخارج.
واعتبر المحلل السياسي مجدي صادق أن مؤسسة «تشاتام هاوس» التي تتخذ من لندن مقراً لها، كشفت أخيراً، إن دول مجلس التعاون الخليجي تستورد ما بين 80 و90 في المئة من غذائها، حيث إن 80 في المئة من قمح الخليج يأتي عبر قناة السويس، بينما يأتي 80 في المئة من إمداداتها من الأرز عبر مضيق هرمز، غير أن الخطورة تكمن في أن هذين الممرين البحريين يمكن إغلاقهما في أي وقت حال تفاقم الصراعات الإقليمية أو الضغوط السياسية.
تحديات متعددة تواجه طموحــــات العراقيين
يواجه العراق صعوبات وتحديات كبيرة في محاولة سعيه لتحقيق أمنه الغذائي، ومعوقات مهمة، في مقدمتها الواقع المتخلف للقطاع الزراعي وعجزه عن تأمين السلع الزراعية، ومشكلة الموارد المائية التي باتت تتفاقم بشكل خطير، بسبب العامل المناخي، وقيام الدول المتشاطئة بحرمان العراق من حقه الطبيعي في نهري دجلة والفرات..
وظاهرة التصحر التي تقلص مساحات الأراضي الزراعية، وتؤثر بشكل كبير على تحقيق الهدف. ويرى خبراء متخصصون، أن البلاد تعتبر مثالا حيا على ما يطلق عليه الترابط الوثيق بين الماء والغذاء والطاقة..
فهي موارد مترابطة من ناحيتي الإنتاج والاستهلاك، والضغوط القائمة الآن عليها تؤثر على حالة الاستقرار بشكلٍ جاد، وهناك خطر متزايد جرّاء الصراع من أجل السيطرة على مصادر المياه القليلة أساساً، إمّا بسبب تدني مستواها أو عدم التعاون عبر الحدود أو لارتفاع معدلات النمو السكاني.
ويؤكد وزير الموارد المائية السابق الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، إن عدم وجود تعريف متفق عليه دوليا للأمن المائي هو مشكلة محليا، وقد تم الاتفاق على تعريف منظمة الأغذية والزراعة (فاو) على مستوى العالم بشكل عام، ولم يتم الاتفاق على كيفية الحصول على المياه، وبالتالي إمكانية تحقيق الأمن الغذائي، إذ يمكن للري أن يزيد إنتاجية التربة بنسبة 400%، لذا فضمان الحصول على المياه هو أمرٌ حيوي للغاية.
ويعتمد المزارعون على طرق الري التقليدية في المقام الأول، وهي تسبب هدراً كبيراً في الواردات المائية، ومن الطبيعي أن يؤثر انخفاضها على الأمن الغذائي بصورة كبيرة، وبناء السدود وخزانات المياه في تركيا وسوريا وإيران يزيد من تأثيراتها بصورة خطيرة.
الغذاء والكهرباء
وتشير تقديرات «الفاو» إلى أن بين 20 و30٪ من تكلفة طعام العائلة اليومي مرتبط بالطاقة الكهربائية، وقد يكون التقدير مضاعفاً، بسبب آثار الحروب والدمار الواقع على المنشآت الكهربائية وإخفاق السلطات في حل أزمة الكهرباء المزمنة في البلاد.
وهناك تحدٍ خطير في القضايا التي تخص الأمن المائي، فنسبة سكان منطقة الشرق الأوسط تبلغ حوالي 15٪ من العالم، وكمية المياه العذبة هي حوالي 1٪ فقط من المجموع الكلي، وتوافر المياه يتعلق بمواسم معينة، فما نسبته 75% من تدفق الأنهر يكون بين شهري فبراير ويونيو، وما يقارب 10% فقط خلال فترة الطلب القصوى على المياه بين يوليو وأكتوبر..
وحيث ان الزراعة تستحوذ على حوالي 87% من استخدام المياه، فإنّ الكمية المحدودة تشكل ضغطاً هائلاً على الإمدادات. والزراعة يجب أن تتنافس مع مطالب عدة، كالسيطرة على الفيضانات، وإمدادات المياه الصناعية وخدمات البلدية، والطاقة الكهرومائية وإصلاح البيئة المتمثلة بإعادة إنعاش الأهوار. ويرتبط انعدام الأمن المائي بقضايا أمن الغذاء والطاقة والذي يوضح بشكل جلي تلاحم الماء، والغذاء، والطاقة.
وتأثر العراق كدولة مصب كثيراً منذ السبعينات وبشكلٍ سلبي من مشاريع بناء السدود في دول المنبع المجاورة، وتركت الحرب العراقية الإيرانية والغزو الأميركي عام 2003، آثارهما السلبية على قطاع المياه والبنى التحتية لمشاريع الري. وكانت الطاقة الكهرومائية تغطي حوالي 25% من حاجة البلاد خلال التسعينات، واقترب الإنتاج من 30% فقط من الطاقة التصميمية للسدود والنواظم في السنوات العشر الماضية.
التغيرات المناخية
والتغيرات المناخية والاستهلاك المتزايد للماء من دول المنبع والدول المتشاطئة ستؤدّي لخفض العائدات المائية بشكل حاد، علاوةً عن التأثير المباشر للمنشآت المقامة حالياً على مصادر المياه والمشاريع المستقبلية الأخرى للغرض نفسه، وبناء السدود وإقامة نواظم تحويل المياه أثرا سلباً على عجلة الزراعة محلياً بتقليل معدلات المياه الواردة إلى البلاد.
التونسيون يترقبون حواراً اقتصادياً لتفكيك الضائقة
تخصص العائلة التونسية 30 بالمائة من ميزانيتها للغذاء، غير أنها باتت تعاني من الارتفاع المتواصل لأسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، وخاصة الخضروات بأنواعها والغلال ومنتجات الدواجن واللحوم، وتحتاج سنويا إلى 37 مليون قنطار من القمح منها 22 مليونا للاستعمال البشري و10 ملايين للعلف الحيواني و5 ملايين للبذور والفواقد.
بينما تنتج البلاد 22 مليونا وتستورد 15 مليونا سنويا من القمح والشعير و7 ملايين قنطار من حبوب الذرة و300 ألف طن من الصويا.ويغطي الانتاج 80 بالمائة من الاحتياجات الوطنية من القمح الصلب،و22% من القمح وتمثل الحبوب 50% واردات غذائية.
وكانت تونس قررت قبل ثورة يناير 2014 وضع خطة وطنية ترمي إلى تطوير انتاج الحبوب بهدف الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب والشعير مع تكوين مخزونات لوقت الحاجة.ويتطلب تحقيق الهدفإنتاج 27 مليون قنطار،منها 6 ملايين حبوب مروية، و10.5 ملايين من المناطق الرطبة وشبه الرطبة ..
وشبه الجافة العليا و4 ملايين من المناطق شبه الجافة المتوسطة و3.5 ملايين من المناطق شبه الجافة السفلى و4 ملايين قنطار من بقية المساحات.
وتقتضي الخطة تطويرالإنتاج المحلي من الأعلاف بالتوسع في الزراعة والحرص على توازن منظومات الإنتاج الحيواني وجعل أسعار الإنتاج مواكبة للتكاليف وتنويع المصادر والضغط على تكاليفها بإعفائها من الرسوم.وأوصى خبراء بالاعتماد على أعلاف بديلة لتقليل التكلفة بإنتاج مادة الدخن العلفي لتعويض الذرة والصويا،وإنتاج مادة السيلاج والسلجم (كولزا) كبديل للبقوليات.
وأعلن وزير الفلاحة الاسعد الاشعل ان الحوار الوطني حول الفلاحة سينطلق عقب الحوار الاقتصادي أواخر يونيو الجاري،وسيشمل كافة القطاعات كالالبان والاشجار المثمرة والحبوب.و الوعي بأهمية التحديات التي سيواجهها القطاع ضروري، وضرورة اتخاذ إجراءات مهمة وعاجلة لمساعدة الفلاحين وخاصة الصغار منهم ،مؤكدا ان الوزارة بالتنسيق مع« المالية» سوف تلغي مديونية الفلاحين الأقل من 5 آلاف دينار.
التحدي الكبير
وأكد وزير الفلاحة السابق محمد بن سالم أن التحدي الكبير يتمثل في امكانية زراعة المساحات المخصصة للحبوب وهي نحو مليون و500 ألف هكتار لتنتج كامل استهلاك البلاد الداخلي.خاصة والبلاد قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي .
ويمكننا بالعمل مع المنظمات العالمية، لزراعة مساحات أكبر بما يزيد الإنتاج والاستغناء عن الاقتراض وشكلت للغاية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وهي مختصة في مجال الحبوب. والتي شهدت العام الماضي نقصا كبيرا في الحبوب بلغ43%.
ويرى القيادي في حركة نداء تونس ناجي جلول أن تحقيق الأمن الغذائي في ظل الظروف الراهنة يتطلب ضمان نسبة دنيا من الإنتاج الوطني للمنتجات الغذائية الأساسية وتكوين مخزون إستراتيجي من المنتجات الغذائية الأساسية تضمن تزويد البلاد لفترة معينة لتقليص انعكاسات عدم استقرار الأسعار العالمية،ولحماية الإنتاج الوطني من المنافسة الخارجية،وقد تقلصت الفجوة الغذائية وتحسنت نسبة الاكتفاء الذاتي،ما مهد لوفرة الإنتاج الفلاحي ودفع التصدير.
إشكاليات عدة
ويحدد المراقبون عددا من المشاكل التي تحول دون تحقيق الأهداف، وأبرزها التشتت العقاري للأراضي الفلاحية وصغر المساحات حيث لا تتجاوز75% منها10 هكتارات، وارتفاع أسعار المدخلات ومستلزمات الإنتاج ونقص الأيدي العاملة المتخصصة وتراجع إقبال الشباب على العمل وضعف نسبة التأهيل ومحدودية مساهمة قطاع البنوك في تمويل الاستثمارات، مع ارتفاع تكلفة القروض للفلاحين.
وتلعب العوامل الطبيعية والتقلبات المناخية دورا مؤثرا على مستوى الإنتاج مقارنة بالكلفة وعدم استفادة المنتج من الأسعار على مستوى التفضيل.
ويرى المختصون أن الارتقاء بالقطاع الفلاحي إلى مستويات ارفع من التطور والحداثة، يستوجب التركيز على جملة من التوجهات ومنها اعتماد مرونة أكبر بالنسبة للتمويل ومراجعة تكلفة قروض الفلاحين وتأهيل منافذ التوزيع والترويج، وتوفير هامش ربح معقول لفائدة المنتجين وتطوير قطاع الصناعات الغذائية لاستيعاب فوائض الإنتاج.
خلل انتاجي
ويعتقد رئيس نقابة الفلاحين في صفاقس فوزي الزياني أن الأمن الغذائي بالبلاد مهدد،بسبب منظومة الإنتاج التي تشكو العديد من النقائص و إن الدولة لم تتّخذ الإجراءات الضرورية لتأمين مصالح الفلاّحين،فهناك معاناة من غلاء مستلزمات الانتاج، خاصة المواد الأولية لتدهور سعر الدينار،مادفع معظم الفلاّحين لهجرالمهنة.
والحبوب التي تمثل مادة استهلاكية أساسية وشريانا رئيسيا في البناء الاقتصادي عصية عن تغطية جانب بارز من الاحتياجات الاستهلاكية. نظرا لهشاشة القطاع لارتباطه بعوامل مناخية التي تجعل مواسم الإنتاج متذبذبة.
وتغطية الاستهلاك من القمح اللين المستخدم في صناعة رغيف الخبز يوميا يتوقف على استيراد نحو 82% من الاحتياجات. وبالنسبة للأعلاف الحيوانية فإنها ترتبط كذلك بما ينتج خارج حدودنا بمعدل 28 بالمائة بالنسبة للمجترات فيما يرتهن الفلاح في إنتاج الدواجن إلى السوق الخارجية بصفة مطلقة في توفير المواد الأولية لإنتاج أعلافه.
1.6 مليون فلسطيني يفتقدون احتياجاتهم الغذائية
يعد الأمن الغذائي جوهر الأمن نظرا لأهميته البالغة في تحقيق السلام الذي تفتقده المناطق الفلسطينية المحتلة، في وقت يعيش فيه نحو 1.6 مليون مواطن حالة دائمة من انعدام اليقين في إمكانية توفير احتياجاتهم الغذائية اليومية، بينما يتمكن فيه الأخرون من ذلك بشق النفس باستثناء شريحة مجتمعية قليلة من المستثمرين والتجار والمسؤولين من ذوي المناصب المرموقة في القطاعين الحكومي والأهلي .
وأظهرت احصائية من العام الماضي أعدها الجهاز المركزي الوطني للإحصاء وبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، والأونروا،ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، أن 34 بالمائة من الأسر قد عانت عام 2012 من انعدام الأمن الغذائي، ما يمثل ارتفاعا حادا بنسبة 27 بالمائة مقارنة مع عام 2011.
ولخص الخبير الإقتصادى البرفسور نور أبو الرب لـ«البيان » مجمل العوامل المؤثرة على واقع الامن الغذائي المعدوم محليا، ومن بينها العوامل الداخلية المؤثرة المتمثلة في زيادة أسعار الأغذية، وانخفاض مستويات الدخل وارتفاع معدلات البطالة، وحالة الركود نتيجة الازمة الاقتصاددية المستمرة، فضلا عن المشاكل المالية التي تواجهها السلطة.
وهناك الاسباب المباشرة التي يفرضها الاحتلال عبر حزمة اجراءات تكبل الاقتصاد وتضخم الاستيطان بإجراءاته التعسفية خاصة الزراعة والأمن، واستمرار احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية والحصار المفروض على قطاع غزة.والخطط التطويرية التي تلعب دورا مهما في تحقيق الأمن الغذائي على الصعيد الوطني لطالما اصطدمت بالاحتلال الذي يسعى إلى محاربتها بكافة السبل والوسائل غير الأخلاقية وغير المشروعة.
أرقام وحقائق
وسلط وزير الزراعة دكتور وليد عساف الضوء على مجموعة من الحقائق التي يفرضها الإحتلال لتكريس الفقر وتعميقه في الشارع الفلسطيني، فاستمرار الحصار في غزة الذي يعاني أصلا من الفقر أكثر من الضفة، بعزله 15% من القطاع بحجج أمنية.وفي الضفة لا تزال أكثر من 60% من الأراضي تحت سيطرة الكيان بالكامل تحت ما يسمى بمناطق ج ما يعرقل استغلالها .
وإقامة الجدار العنصري أدت إلى تدمير 75 ألف دونم من الأراضي الزراعية وعزل 700 ألف دونم منها 150 ألفا زراعية خصبة، واستمرار السيطرة على 82% من الموارد المائية، و85% من أراضي المراعي الطبيعية.
وحول الآليات الحكومية للتقليل من خطر تعاظم نسبة انعدام الأمن الغذائي اشار عساف إلى أن وزارة الزراعة تركز في خطتها ضمن استراتيجية الحكومة على تنمية القطاع وزيادة رقعة الاراضي الزراعية وتوفير مياه الري وتحسين ادارتها بما يضمن عوامل الاستدامة في التنمية الاقتصادية وهناك البرنامج الوطني لتخضير الوطن وزيادة الانتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني لتحسين وتأمين الأمن الغذائي.
ويشتمل على الزيتون، والمجترات الصغيرة، والمحاصيل الحقلية والعلفية، و زيادة التنافسية الزراعية في السوق المحلية والخارجية، من خلال الانظمة والقوانين والبنية التحتية المتعلقة بالصحة والصحة النباتية والجودة.
وزيادة قدرة وجاهزية الزراعة والفلاح بتفعيل صندوق درء المخاطر والتأمينات الزراعية والذي تم انشاؤه حديثاً،وخدمات الاقراض وتطوير الخدمات والأطر القانونية بما يضمن بيئة مواتية للاستثمار في القطاع الزراعي.