في محاولة من جانبهم لتجاوز تكاليف الزواج المبالغ فيها والتي لا تتناسب مطلقاً مع أوضاعهم المالية، أطلق عدد من الشباب المصريين حملة بعنوان «عايز أتجوز» لحث الأسر على تخفيض نفقات الزواج ،وعدم المبالغة في المهور، وترك المظهرية عند اقامة حفلات الزفاف حتى لا ينعكس الأمر سلباً، ليس على الشباب فحسب، بل وعلى الفتيات أيضًا بانضمام كثيرات منهن إلى طابور العنوسة اللانهائي!

الحملة جذبت العديد من الشباب في مختلف المحافظات ، وبادر كثير منهم بالتعاون معاً للترويج للحملة وتبني أفكارها التي تتمحور في جوهرها على تيسير كل أمور الزواج ،في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة التي تعيشها البلاد ،حيث دفعت البعض إلى الانتحار.

 واعتبر الداعون للحملة أنها تمثل منقذاً عملياً من التبعات المخيفة التي يتسبب فيها غلاء المهور وارتفاع تكاليف مستلزمات الزواج، والتي إما أن تنتهي بفشل مشروع الارتباط لضيق ذات اليد، أو بدء تجربة أخرى تحت حصار الديون التي لا ينتظر أصحابها ويبدؤون في المطالبة بها منذ اليوم الأول للزفاف.

وقامت حملة «عايز أتجوز» والعديد من الصفحات المرتبطة بها بنشر تجارب بعض المتزوجين الذين تزوجوا بشكل ميسر ودون تعقيدات أو تكاليف مظهرية، فنشرت صفحة «تجربة» قصة شاب مصري تزوج خلال أسبوع واحد فقط، بعد أن اتفق مع خطيبته على ذلك.

ويوضح الشاب، الذي لم يذكر اسمه، أنه اتفق مع أصدقائه على تأجير شقة في اليوم ذاته.وعند الزواج، لم يشترِ شبكة أو يدفع مهراً أو حتى المؤخر، فقط اشترى أثاثًا بسيطاً لم تتجاوز تكلفته عشرة آلاف جنيه.

أما الأجهزة الكهربائية، فلم يشتر منها إلا الثلاجة والغسالة والبوتغاز والتلفاز بتكلفة لم تتجاوز أيضاً عشرة آلاف جنيه،وفيما يتعلق بأمر الملابس، فلم يشتر العروسان الكثير، وحتى تكلفة التصوير والكوافير كانت مجاملة من الأصدقاء.

وبالطبع، لم يقيما حفل زفاف، واكتفيا بكتب الكتاب داخل قاعة المسجد. وعليه فإن المحصلة النهائية لمشروع ارتباطه بشريكة حياته والذي استغرق فترة أسبوع واحد، لم تتعد تكلفته 20 ألف جنيه ، وذلك بفضل مساعدة والده وتفهم خطيبته ورضا أهلها.

وحظيت تجربة ذلك الشاب بتفاعل أكثر من 80 ألف مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي سجلوا إعجابهم بالتجربة، وتمنوا في تعليقاتهم للعروسين كل الخير، وطالبوا أولياء الأمور بالوقوف للتفكير والتأمل في التجربة والاستفادة منها في تيسير الزواج، مصداقاً لقول الرسول «صلى الله عليه وسلم»: «إِذَا جاءكم مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ».

حسن الاختيار

وأكدت أستاذ علم الاجتماع والخبيرة بالمركز القومي للبحوث الدكتورة سميحة نصر، أن المبادرات الشبابية قادرة على تغيير النظرة الاجتماعية للزواج بعد أن ظلت منظومته لا تخرج عن إطار المنافع المادية والصفقات، والتي تصل أحياناً إلى المساومة في الالتزامات المادية التي تفرض على الطرفين.والشباب وحده الذي يملك القدرة على تغيير تلك النظرة التقليدية..

فالزواج يجب النظر إليه أنه شراكة وحياة مشتركة تُبنى بين الطرفين وليس صفقة بيع وشراء.فالمبادرات الشبابية تستهدف تخفيف الأعباء المادية عن الشباب والفتيات لتقليل العديد من المظاهر السلبية مثل الانتحار والتحرش والعنوسة في البلاد.

التزام أخلاقي

وأضافت أن التيسير المادي لا بد أن يقابله التزام أخلاقي، ودراسة متأنية من جانب أسرة العروسين لدراسة أخلاقهما وطباعهما ومدى تناغمهما معاً..

وكذا ضرورة الالتفات إلى المسؤوليات الاجتماعية والنفسية لكل منهما، فالزواج ليس متطلبات مادية فقط، إنما كذلك هو إحساس بالمسؤولية والواجب والالتزام بتوفير الأمن والأمان والاستقرار الأسري، وعليه يجب مراعاة إن كانت تلك المعايير تتوافر في الطرفين أم لا، لأن مبادرات تيسير الزواج بقدر ما تحمل جانباً إيجابياً ،إلا أنها يمكن أن تكون سبباً في زيادة نسبة الطلاق ،في حال لم يخضع الارتباط لحُسن الاختيار،ومن ثم، ينعكس الأمر في زيادة أعداد أطفال الشوارع وتفاقم ظاهرة الجريمة.