باتت قضية العلاج تشكل هاجساً وقلقاً كبيراً وصداعاً دائماً للكثيرين في دول العالم وتحديداً في الوطن العربي، خاصة للشرائح من ذوي الدخل المحدود، وأولئك الذين يصنفون أنهم تحت خط الفقر. وفي ظل الظروف الاقتصادية الخانقة، والأوبئة والأمراض المنتشرة، والارتفاع المخيف في تكلفة التشخيص الطبي، وزيادة الأسعار عند زيارة الأطباء، والأثمان الباهظة لروشتة الدواء، وإجراء العمليات الجراحية إذا استدعى الأمر ذلك.

ورغم المجهودات التي تبذلها بعض الحكومات لجعل العلاج تحت مظلة التأمين الصحي والذي يمثل هاجساً آخر بين تعنت الشركات ومغالاة الأطباء والعيادات. وحتى المحاولات المضنية لفتح مسارب بالمستشفيات الحكومية عبر أجور رمزية ودعم للدواء، واجهتها مشكلات قللت من فاعليتها، وتمثلت في نقص الكوادر الطبية، وعدم وجود الأجهزة ذات التقنية المتطورة والإمكانات الحديثة وخاصة عند العمليات الجراحية الخطيرة، وفي ظل تلك الظروف لجأ بعض القادرين للسفر إلى الخارج تتبعاً لحملات الترويج للسياحة العلاجية وإغراءتها.

تحدث كثيرون عن المعاناة المستمرة في تأمين العلاج الآمن والأقل تكلفة في الوقت نفسه، ولأن المعادلة من الصعب تحقيقها، بات الأمر صعباً وتحول إلى تجارة رائجة ورابحة بين أطماع الداخل وإغراءات السفر إلى الخارج، لمن استطاع إلى ذلك سبيلًا.

عراقيل

الازدحام في المستشفيات الحكومية يرهق الفلسطينيين

تختلط السلبيات بالايجابيات فيما يتعلق بالحصول على خدمة العلاج في فلسطين، خاصة والحكومة تحاول جاهدة الارتقاء بالقطاع الصحي الذي تعترضه معوقات عدة وعراقيل جمة ومنغصات كبرى، ما أفرز الكثير من المؤشرات السلبية التي تراكمت عبر سنوات من جهة، اضافة لوجود عدد من المؤشرات الايجابية الملموسة من جهة أخرى.

ورغم التحديات التي تواجه الحكومة وقيادتها وفي مقدمتها الاحتلال وما يعنيه ذلك من ميزانية تطويرية شحيحة تنعكس سلبا على قطاع الصحة غير أن حداثة البنية التحتية الصحية محليا لم توصد الباب أمام العديد من الانجازات والنجاحات التي تميزت بها الكثير من المستشفيات مع القليل من الاخفاقات؛ بحيث يمكن القول إن المواطن يتمتع بمستوى مقبول من الوضع العلاجي، مع وجود عدد جيد من المهنيين الصحيين الذين يتمتعون بقدرٍ كافٍ من التأهيل والخبرة والكفاءة، الا ان المراكز الصحية الحكومية لا تلبي احتياجات اعداد السكان المتزايدة الذين تخدمها تلك المراكز الطبية وتشملهم بتأمينها.

وهناك أربع جهات تقدم الخدمات الصحية وهي الجهاز الصحي الحكومي، الذي يتمثل بوزارة الصحة وبمديرية الخدمات الطبية للأمن العام، ووكاله الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين، والقطاع غير الحكومي، والقطاع الخاص الربحي. ويستقبل الجهاز الصحي الحكومي العدد الاكبر، بينما القطاع الخاص يعتبر مكلفا جدا ولا يستطيع معظم الناس دفع تكاليف خدماته فيلجأون الى القطاع منخفض التكاليف رغم ما يعتريه من اشكالات.

إشكالات كثيرة

ويعاني قطاع الصحة الحكومي الذي يتحمل المسؤولية الأكبر في تقديم الخدمات من اشكالات كثيرة تتمثل في الاكتظاظ الدائم بالمرافق، ونفاد الأدوية من المراكز الصحية، ونقص الاطباء المختصين والكوادر البشرية المؤهلة وذوي الاختصاص الدقيق من الأطباء في كثير من التخصصات والجراحات الدقيقة، اضافة الى عدم التأهيل الكافي للمستشفيات الحكومية فهي تعاني نقص التأهيل في المباني والبنية التحية، مما انعكس على ثقة المواطنين بالخدمات الصحية العمومية من جهة واضطرار وزارة الصحة الى تحويل المرضى الى القطاع الخاص المحلي او إلى العلاج في الدول المجاور «التحويلات الخارجية» التي تستنزف الكثير من الموارد المالية للنظام الصحي الحكومي وترفع من مديونيته.

والاكتظاظ في العيادات الحكومية والمستشفيات وغرف الطوارئ يكشف تكدس المواطنين دون ترتيب او تنظيم، بحيث ينتظر الفرد ساعات طويلة حتى يقابله الطبيب، وقد لا يجد الدواء المكتوب له مجانا او لا تسعفه المختبرات في الحصول على الفحوص والصور اللازمة. ويعتمد التأمين الصحي في معظمه على الحكومة بنسبة تغطية تصل حوالي 60.4% من السكان، 29.9% مدفوعة الرسوم و30.5% معفاة من الرسوم، الامر الذي يشكل عبئاً كبيراً على ميزانية وزارة الصحة المثقلة أصلا بالكثير من الديون.

عجز مالي

أوضح وزير الصحة الدكتور جواد عواد لـ«البيان» أن قطاع الصحة الفلسطيني يعاني من صعوبة توفير الاحتياجات المتزايدة نتيجة للكثافة الطبيعية في عدد السكان، في ظل وجود عجز مالي هائل يثقل كاهل الحكومات المتعاقبة. ورغم ذلك هناك نقلة نوعية في القطاع الصحي المحلي وهناك جمهور كبير من المواطنين يشعرون بتطور القطاع ، والمريض الذي لا نستطيع علاجه يحول لمراكز خاصة على نفقة الوزارة. والحكومة مستمرة في تطوير القطاع سعيا للوصول لمرحلة تكون المستشفيات والمراكز مهيأة باطبائها لتقديم كل خدماتها للمواطنين، دون التحويلات الخارجية.

400 مليون دينار انفاق الكويت على العلاج في الخارج

تنفق الكويت سنويا نحو 400 مليون دينارعلى العلاج في الخارج، وهي ميزانية ضخمة، الأمر الذي دفع الحكومة للبحث عن بدائل علاجية محلية لتقنين ذلك الصرف، الذي يزيد عاما بعد عام.ويعد الملف الطبي الخارجي من الملفات الشائكة في البلاد، ويحتدم الحديث حوله بين الحين والآخر، ويرآه بعض المراقبين انه للترضيات السياسية واعتبروه مجرد سياحة في الخارج، بينما يتمسك به عدد من نواب مجلس الامة الذين يطالبون بزيادة مخصصاته العلاج في الخارج، من أجل تفادي مشكلة ضعف المستوى الصحي محليا.

وفي سبتمبر الماضي قرر مجلس الوزراء تخفيض مخصصات المرضى المبتعثين للعلاج خارجيا ومرافقيهم، ونص القرار آنذاك على ان المخصصات المالية للعلاج خارج الوطن يكون على النحو التالي: المريض: 75 دينارا يوميا بعد ان كانت 100 دينارا، المرافق الأول: 50 دينارا يوميا ،بعد ان كان مئة، المرافق الثاني: تذكرة سفر ولاتصرف له مخصصات ،وكان ينال مائة دينار يوميا، وهو ماكان محل اعتراض نيابي.

وتضمن قرار مجلس الوزراء انذاك التوسع في إستقدام أطباء إستشاريين عالميين من جميع أنحاء العالم، وإستقدام مستشفيات عالمية للتقليل من الأبتعاث للخارج، وإستقدام إدارات صحية عالمية تقوم بنقل الخبرات الفنية للمشاركة بعلاج المواطنين، وتطبيق قانون التأمين الصحي للمواطنين، ودعم القطاع الخاص لإنشاء مستشفيات وتحويل المواطن لها للعلاج بما تراه وزارة الصحة.

وترجم مجلس الامة الكويتي قرار مجلس الوزراء باصداره قانون التأمين الصحي الشامل لشريحة المتقاعدين في دور الانعقاد الماضي، اذ اقر القانون لتلك الشريحة بالتوافق مع وزارة الصحة لفترة يتم بعدها تقييم التجربة، ومن ثم تعمم على شرائح اخرى.ويطالب عدد كبير من متابعي الوضع الصحي داخليا، الحكومة الاستعانة باشهر الاطباء العالميين، واحضارهم الى البلاد في استشارات بصفة دورية، اذا كانت جادة في تقنين العلاج بالخارج.

شكاوى طبية

وتكثر الشكاوى محليا من الأخطاء الطبية، حيث تنشر الصحف بين الحين والآخر وفاة مرضى نتيجة أخطاء، الأمر الذي يجعل البعض يتمسك بحقه في العلاج بالخارج خاصة عند الأمراض الخطيرة.ويعد الملف الصحي من الملفات التي يضعها المرشحون في الكويت على رأس برامجهم الانتخابية، نظرا لان القضية تحتل مقدمة أولويات المواطنين والمقيمين أيضا، ورغم ان الدولة أولت القطاع الصحي اهتماماً كبيراً، كونه يخدم كافة الأفراد القاطنين في الدولة من مواطنين ومقيمين، الا ان ما تقدمه الوزارة المعنية لم يصل الى مستوى الطموح.

مايجدر ذكره ان العمل الطبي في الكويت بدأ يأخذ الشكل النظامي في بداية القرن العشرين عندما قام أول مستوصف خيري عام 1913 تحت إشراف طبيب من تركيا، وبالنظر إلى تاريخ بناء المستشفيات محليا فأن أول مستشفى شيد كان المستشفى الأميركي الذي أنجزعام 1914، وبالنسبة إلى أول مستشفى حكومي ،كان المستشفى الأميري عام 1941، وقد تعرقل البناء وتوقف لظروف قيام الحرب العالمية الثانية ،فافتتح عام 1949، ومع مرور السنوات وتفجر الثروة النفطية في البلاد أنشئيت العديد من المستشفيات حتى ثمانينيات القرن الماضي.

ويترقب المواطنون والمقيمون موعد افتتاح مستشفى جابر، التي تم بناؤها مؤخرا على احدث المواصفات العالمية، وسط مطالبة نيابية للحكومة باسناد ادارتها الى شركة عالمية متخصصة، حتى تكون مستشفى عالمية. وكان رئيس مجلس الوزراء المصري المهندس ابراهيم محلب قد زار في فبراير الماضي مشروع مستشفى جابر الذي تنفذه شركة (المقاولون العرب) المصرية في اطار التعاون بين البلدين الشقيقين.

مشروع عملاق

يعد المستشفى من أكبر المشاريع العملاقة بالكويت وتقدر مساحته 225 ألف مترمربع ويضم ثمانية أقسام بواقع 1168 سريرا الى جانب العيادات الخارجية وطب الأسنان والوحدة المركزية ومواقف سيارات تتسع4700 سيارة وعيادات التشخيص والعلاج والعيادات الخارجية وسكن الطاقم الطبي ومركز الإصابات.وانجز من عمليات من تنفيذ المستشفى نحو 76% وسيتم الانتهاء من البقية في ديسمبر المقبل وتبلغ التكلفة الإجمالية 304 ملايين دينار .

تفوق

3 ملايين زائر تستقطبهم مياه تونس المعدنية

تحتل تونس المركز الثاني عالمياً في المعالجة بمياه البحر، بينما يعود استعمال المياه المعدنية بالبلاد إلى أقدم العصور، حيث كان اليونانيون الأوائل بالمجال، إذ يقدمون الهدايا والقرابين ويعدون الولائم تقديرا وعرفانا لآلهة المياه المعدنية الساخنة والطب. وأبرزت تنقيبات منطقة جبل الوسط أنّ المنابع الحموية كانت تحقق العلاج والمتعة. ويعبر التقسيم المعماري على وجود حمامات وقاعات للعب والمرح.

وتتميز المياه المعدنية بصفات نادرة ونافعة ومضمونة، وإضافة إلى استجابتها لمختلف الرغبات ولدت لدى التونسيين القدامى ارتياحا للتواصل الموجود بين العلم والعقيدة نتج عن ذلك تطور في استعمال المياه المعدنية والاستفادة منه خصوصا وأنها ذات خصائص علاجية مهمة للتخفيف من الوزن ومعالجة آلام الظهر والمفاصل والأنف والحنجرة وغيرها.

وتحظى تونس بنحو 95 منبعاً مائياً معدنياً منها 65 بمياه ساخنة أغلبها يستغل منذ القدم في حمامات شعبية، وظهرت أخيراً المراكز العلاجية المتطورة مدفوعة بالدراسات التي يعدها خبراء ديوان المياه المعدنية للخصوصيات العلاجية لتلك المنابع التي اشتهرت مع القرون بفوائد تقترب من الإعجاز الطبي أحياناً، حيث يدخلها المريض في مقعد أو محمولا على الأذرع، ويغادرها جرياً.

وعلى غرار دول متوسطية، يندرج الاستشفاء بالمياه المعدنية محليا في إطار العادات والتقاليد بمختلف المعالم الأثرية، معبد المياه بزغوان، حمامات طبربة ماجيس، وجوليا مامية بيلاريجيا، وأنطونان بقرطاج. وتكشف الطرق التقليدية للعلاج الطبيعي والتدليك والتمسيد بالحمامات في العصور الوسطى والحديثة أنّها مستوحاة من الثقافة الاجتماعية القرطاجنية والرومانية.

خصوصيات

وتعرف المياه المعدنية الساخنة أن مصدرها منبع طبيعي أو حفرية، وتتجاوز حرارتها 25 درجة، وتركيبتها الفيزيوكيميائية مستقرة رغم تغير العوامل المناخية وتتميز بخصائص علاجية ثابتة ويتمّ استغلالها بغاية الاستشفاء سواء كان ذلك في المحطات الاستشفائية العصرية أو في الحمامات الاستشفائية التقليدية.

وتعرف المياه المعدنية الباردة أن مصدرها منبع طبيعي أو حفرية، وحرارتها أقل من 25 درجة، وتتميز بنقاوتها الطبيـــعية، واحتوائها على عناصـر معدنية غنية تجعلها تتميز بخصوصيات طبية وتستغلّ من طرف وحدات تعليب المياه. وجميع المياه من صنف «فادوس» ويرتبط وجودها ةطبيعة منابعها بجيولوجيا الأرض بحيث إن نفاذ وتسرب المياه المعدنية التصاعدي يرتبط عادة بالعوارض الجيولوجية التكتونيكية، في القشرة الأرضية، وحرارتها الكيميائية مرتبطة بنوعية الأرض التي تتسرّب منها، وعددها 104 منابع.

تطور شامل

وتطور العلاج بالمياه المعدنية في الأعوام الأخيرة حيث أصبح لتونس 46 حماما استشفائيا و4 محطات علاج أشهرها حمام بورقيبة الذي تكلفت تهيئته قرابة 40 مليون دينار وجبل الوسط وقربص الى أن بلغ عدد مرتادي الحمامات المعدنية ما لا يقل عن 3 ملايين و600 ألف شخص سنويا.

أما عدد مرتادي المراكز الاستشفائية فلا يزال دون 40 ألف شخص بسبب ارتفاع كلفة الاقامة نسبيا في هذه المراكز التي تجعل العديد من الراغبين في التوجه إليها ينتظرون تغطية من صندوق التأمين على المرض رغم أنها لا تتجاوز نسبة 20 بالمئة من كلفة الايواء فيما تبلغ 80 بالمئة من كلفة العلاج.

ويزور 10 آلاف تونسي 4 محطات استشفائية وهي حمام بورقيبة وجبل الوسط وقربص وجربة، ويختار التونسيون هذه المحطات لأنه تشملها التغطية الاجتماعية إضافة الى الذين يرتادونها على حسابهم الخاص للتداوي من أمراض البرد والروماتيزم والسمنة وغيرها. ويبلغ عدد التونسيين الذين يزورون حمامات المياه المعدنية 3 ملايين و300 ألف سنويا منهم مليون يتجهون الى حمامات الولايات المختلفة.

استشفاء بحري

يشكل العلاج بمياه البحر حلا لمشاكل صحية كمخلفات الوضع والولادة والتوتر النفسي والعصبي، وتعتبر تونس الثانية عالميا في عدد ومستوى الخدمات العلاجية والمراكز ، ما جعل البلاد مقصدا مهما للجمع بين العلاج والسياحة مع توافر ظروف للنقاهة والترفيه. والعلاج بمياه البحر يوفّره 60 مركزا بسواحل البلاد، بخدمات ذات جودة عالية ومستوى راق،منذ سنة 1994 تاريخ فتح أوّل مركز للياقة.