تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما من البيت الأبيض، أخيراً، عن قراره القاضي باستخدام الولايات المتحدة طائرات حربية لنقل المساعدات الإنسانية إلى الألوف من اليزيديين المحاصرين على قمة جبل «سنجار» في شمالي العراق، واستخدامها كذلك في الأماكن الضرورية لشن ضربات جوية ضد المسلحين المتطرفين، الذين حاصروا اليزيديين.
وأكد أوباما أن العملية العسكرية التي أمر بها محدودة للغاية. وأضاف: «أنا لن أسمح بجر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في العراق».
التقدم للأمام
وما من شك حيال نوايا الرئيس أوباما. وحتى مع وجود مقاتلين شرسين تابعين لتنظيم دولة العراق والشام، المسيطر على أجزاء كبيرة من شمال العراق، فإن الرئيس الأميركي أعرب في الأسابيع الأخيرة عن تردده باستخدام الولايات المتحدة القوة العسكرية لوقف تقدم التنظيم.
ولم يكترث أوباما لدعوات الحكومة العراقية، ودعوات الأكراد، المطالبة باستخدام القوات الأمريكية لما يعرف بالقصف المساحي، الذي يمسح جميع المناطق المحددة استراتيجياً بالكامل عبر تفجيرها، وعوضاً عن ذلك أوفد بضع مئات من المستشارين العسكريين إلى العراق، قائلاً إن عليهم تقييم الوضع وتقديم تقرير عنه، وذلك بحسب ما كتب جورج بيكر في مقاله عن أن الناس تفر من التنظيم، وأن دكستر فيلكنز حث على الدعم العسكري الأميركي.
ومنذ ذلك الحين، واصل تنظيم الدولة تقدمه بلا هوادة. ومنذ وقت قريب، سيطر على أكبر سد في العراق، يقع شمالي الموصل على نهر دجلة، وعلى أكبر بقعة تتركز فيها أعلى نسبة مسيحيين، وهي بلدة قرقوش. أما اليوم، فبات التنظيم قاب قوسين من أربيل، عاصمة إقليم كردستان.
طبيعة المهمة
وفي الحقيقة، فإن التدخل الأميركي ليست تدخلاً إنسانياً تماماً. فبالإضافة إلى أمر وزارة الدفاع الأميركية تقديم الطعام والماء لعشرات الآلاف اليزيديين، وهم جماعة دينية كردية تقطن جبل «سنجار» الواقع قرب الحدود العراقية السورية، خول أوباما بشن ضربات جوية على عناصر تنظيم الدولة، وذلك إذا ما استمروا بالتقدم نحو أربيل.
ولكن لا مجال لكثير من كلمة «إذا» في هذا الوضع. ومنذ أن استولى التنظيم على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، قبل أشهر من الآن، تحرك التنظيم ببطء ولكن باطراد جنوبي وشرقي العاصمة الكردية. ولا يبدو أنه سيتوقف الآن.
وهذا يعني أن الطائرات الحربية الأميركية ستتدخل في جبهتين على الأقل، الجبهة الشمالية الغربية لحماية اليزيديين، وتشغيل طائرات نقل عسكرية أمريكية لتقديم المساعدة الإنسانية، وكذلك في شمال شرقي البلاد، لمواجهة مقاتلي التنظيم المتمركزين بين الموصل واربيل.
ومنذ وقت ليس ببعيد، قال مسؤولون أكراد إن الضربات الجوية الاميركية بدأت بالفعل. ولكن البنتاغون نفت ذلك بحزم، قائلة إن قوات حكومية عراقية، أو قوات من الجار التركي المجاور للعراق نفذت هذه الغارات. ومع ذلك، فقد تدخلت المقاتلات الاميركية في الآونة الأخيرة، ونفذت ضربات ضد داعش في الشمال العراقي.
وتيرة بطيئة
تملك وزارة الدفاع الأميركية قوات فعالة في الشرق الأوسط., يُشغل الجيش الاميركي في العراق قاذفات من طراز «بي-1»، وطائرات «إف-16» ».
وبالنظر إلى وتيرة تحرك الساسة العراقيين البطيئة، فمن المؤكد أن الرئيس الأميركي باراك أوباما لن يتسرع بتوسيع حملته على التنظيم. والرئيس الذي جاء واعداً بسحب قواته من العراق، أمر للتو بمزيد من العمليات العسكرية في العراق.