أوضحت الأيام الأخيرة أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيتمكن من تحقيق الفوز في مسألة الاتفاق النووي مع إيران داخل أميركا، وبأغلبية ساحقة ربما، وهو نجاح لن يستطيع مجلس النواب الأميركي نقضه. أضف إلى ذلك أن الحياديين عموماً سيكونون في صف الرئيس الأميركي. وهناك أسباب كثيرة تؤدي إلى الثقة بفوز أوباما، أبرزها تسعة أسباب تتلخص بالتالي:

أولاً، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يتحداه أوباما في تلك الصفقة ضمن استراتيجية تبدو مكللة بالنجاح، حيث يستخدم أوباما اسم نتنياهو مجدداً، وهو اسم لا يحبه الأميركيون، حتى أن معارضة الاتفاق باتت مرتبطةً بشدة باسم نتنياهو، في دعم جيد لتقدم المعركة. وقد قال جيمس نورث، أخيراً: «هل يمكن تصور السياسة المتعلقة بالاتفاق لو كان الزعيم الإسرائيلي يتمتع بهالة من الجاذبية والبلاغة؟».

ثانياً، أوباما نفسه، الرئيس الذي بلغ أوج عهده الرئاسي، وساهم إحساسه بالثقة وإدراكه لأهمية اللحظة وطريقة ردّه على منتقدي الاتفاق في تغيير مسار الأمور. إننا نشهد رئيساً شغل منصبه، وأصبح قائداً عظيماً.

تأييد شعبي

ثالثاً، الشعب الأميركي، حيث بات واضحاً لكل من يتابع سير الأحداث أن السواد الأعظم منه يؤيد الاتفاق، ويريد فتح صفحة جديدة في الشرق الأوسط لا تلطخها الاغتيالات، وعودة أبناء مصابين وأحبة مبتوري الأطراف. وقد ذكرت محطة «سي إن إن» الأميركية أن نسبة الأميركيين المؤيدين للاتفاق بلغت 53 في المئة في أبريل الماضي، وهي نسبة أعلى حتماً اليوم، لاتفاق يمثل روح العصر الأميركي.

رابعاً، الطبقات الحاكمة التي أبدت بمعظمها تأييداً للاتفاق، بدءاً بالائتلاف اليهودي الديمقراطي الوطني الذي دعم الاتفاق بشدة، أخيراً، وسامنتا باور، مندوبة أميركا لدى الأمم المتحدة، والعضوة الديمقراطية بمجلس الشيوخ ديان فينشتين، إضافة إلى نانسي بيلوسي، الرئيسة السابقة لمجلس النواب الأميركي، ومركز كارنيجي، والمجلس الأطلسي ،اللذين عقدا فعاليات متعددة داعية للاتفاق.

خامساً، وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون ،التي اختارت ببصيرتها السياسية الثاقبة دعم الاتفاق النووي مع إيران.

سادساً، تشاك شومر الذي أبدى في موقف مفاجئ ومناقض لسابقاته تأييداً للاتفاق، حيث إنه من الخطورة السياسية على شومر التصدي للاتفاق اليوم، سيما أنه سبق أن حذر الائتلاف اليهودي، في يونيو الماضي، من أنه حين يتعلق الأمر بالولاءات الثنائية فإنه حتماً سيضع جانباً مصالح الشعب اليهودي، ويدعم تلك التي تخص الشعب الأميركي. سيذعن شومر للحظة السياسية التي أوجدها أوباما، وسيوافق على الاتفاق مع تحفظات هائلة.

وقال مسؤول البنتاغون السابق إيلان غولدنبرغ، في إحدى الفعاليات التي نظمها معهد كارنيجي، إن إسرائيل لديها كل الأسباب التي تدفعها للتصدي للاتفاق، إلا أن الحكومة الأميركية لن تدع الأقلية تسيّر الأغلبية.

سابعاً، بروز نجم اليسار، حيث بدا مؤثراً التآزر الهائل الذي أبداه تحالف المجلس الأميركي الإيراني لدعم الاتفاق، في رد واضح على نهج المحافظين الجدد، الذي أيد بائتلافه متعدد الثقافات السلام لا الحرب. ثامناً، اليهود الأميركيون، الذين يجعلهم هذا الاتفاق يتصدون علانية لجماعة الضغط الإسرائيلي وللتماهي مع الدولة المروجة للحرب. ويعكس الاتفاق الإيراني مجدداً واقع أن اليهود الذين يدعمون إسرائيل يؤيدون الحرب.

تاسعاً، وأخيراً اللوبي الإسرائيلي، حيث أبلغت لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «أيباك» موظفيها بأن ينسوا إجازاتهم الصيفية، ويحاربوا الاتفاق، علماً بأن أوساطاً مطلعة من داخل اللجنة أكدت معرفتها بأن معركتها ستكون خاسرة هذه المرة أيضاً، إلا أنها أفادت بأنها لا تملك العديد من الخيارات في ظل التهديدات الوجودية التي يعتقدون أن الاتفاق يشكله على إسرائيل.

وكان كل من المراسل الصحافي لمحطة «سي إن إن» الأميركية، وولف بليتزر، وإيلان غولدنبرغ قد أشارا في الفترة الأخيرة إلى أن الخطر الأكبر على إسرائيل يتمثل في الاهتراء المستمر للعلاقات المميزة بين الدولتين، وسبل تحول إسرائيل إلى مسألة انحياز «جمهوري». ويحبذ كثيرون هذا الوضع القائم حالياً، لكن قادة جماعة الضغط سيدركون أن خسارتهم مضاعفة، وسيكفون عن معاندة أوباما.