في العشرين من أكتوبر الجاري، تنقضي أربع سنوات منذ وقف الرئيس الليبي السابق معمر القذافي وقفته الأخيرة في مدينة سرت، وقد أظهره مقطع فيديو وقد علته الدماء وأحاط به المسلحون وهم يدفعونه نحو شاحنة صغيرة، والأمر المؤكد هو أنه أسر حيا وربما كان وقتئذ يعاني من جروح بسيطة فحسب، وسرعان ما أعلن موته فيما كان ينقل إلى مسراته على بعد 250 كيلومتراً إلى الغرب من سرت.

بعد 4 سنوات من مصرع القذافي فإن ليبيا ليست في حال أفضل، والحالة الراهنة للبلاد تجعل المرء يمضي منطقياً تقريباً إلى التكهن عما كان يمكن أن يحدث لو أن القذافي كان لا يزال على قيد الحياة، ومصرعه يمكن أن يعد منعطفاً في تاريخ ليبيا، ولكن بعضهم يذهب إلى القول إنه برهن على أنه تطور سيئ بالنسبة إلى ليبيا، فالكثير من الليبيين كانوا يؤثرون لو أنه تمت محاكمته، ويعتقد عبد الرحمن وهو أحد قادة الثوار السابقين، والذي لم يرغب في استخدام اسمه كاملاً، أن قتل القذافي كان خطأً كبيراً.

ويضيف: "كان ينبغي أن يحاكم الرجل أمام إحدى المحاكم لأنه كان يعرف الكثير من الأسرار، وكان يمكن أن يقدم إجابات عن الكثير من الأسئلة التي ظلت بلا ردود. وهو يعتقد أيضاً أن القذافي قد قتل لأن أجهزة استخبارات معينة اعتقدت أنه يمكن أن يحرج العديد من قادة العالم إذا سمح له بالمثول أمام المحكمة".

 وهو يقول إن الدكتاتور الليبي لا يزال يحظى ببعض الشعبية، وهذا يرجع إلى أن الكثير من الليبيين يقارنون حال بلادهم اليوم بالحياة في ظل حكم القذافي، فليبيا اليوم على وشك الانهيار التام، مع وجود حكومتين كل منهما تدعي لنفسها الانفراد بالشرعية وتمثيل الشعب، في الوقت نفسه يوسع تنظيم داعش نطاق سيطرته في شرق البلاد وغربها.

 والعديد من المليشيات تعمل بصورة متزامنة، وتتعدد عمليات الاعتقال والاختطاف والقتل التعسفي، وإن كان ذلك على نطاق أقل مقارنة بثلاث سنوات مضت. وأصبح إطلاق النار المتقطع وحواجز الطرق والنقص في الإمداد بالطاقة شيئاً روتينياً.

دمرت بنغازي كلية تقريباً في الحرب الراهنة بين الجيش الليبي التابع للحكومة التي تحظى بتأييد دولي، وبين المتشددين الذين يتركزون أساساً قرب الواجهة البحرية إلى الشمال من المدينة، أما العاصمة طرابلس، فهي تحت سيطرة حكومة لا يعترف بها أحد تم تشكيلها بعد حرب دموية انتهت في أغسطس 2014.

 ولا يزال الناس يفتقرون إلى الأمن ويناضلون للمضي بحياتهم قدماً في مواجهة الارتفاع الهائل لأسعار السلع الأساسية، والخدمات الطبية غير موجودة تقريباً. وهكذا فإن الناس مرغمون على السعي وراء العلاج في تونس.

 وقد انخفض إنتاج النفط الذي يشكل المصدر الرئيسي للدخل الحكومي بمقدار الثلث، وليبيا تنتج الآن أقل من نصف مليون برميل نفط يومياً، الأمر الذي يصل بالخزانة الليبية إلى حد الاختناق.

وقد توقف تنفيذ جميع مشروعات المرافق العامة التي تم البدء بها قبل أربع سنوات، ولم تفتح المدارس والجامعات للعام الدراسي الحالي، وهو ما يجعل الصغار يمضون معظم وقتهم في الطرقات غير الآمنة.