قال رئيس الوزراء الفلسطيني د. سلام فياض إن تجاوز السلطة الفلسطينية للأزمة المالية سيساهم بعودة الأمور إلى طبيعتها فيما يتعلق بالوضع الداخلي وإنهاء الانقسام، مؤكدا على ان قطاع غزة أهم من الوضع الاقتصادي والمالي، وبدونه لا يمكن ان تقوم دولة فلسطينية مستقلة على أراضي 1967 ، رافضاً استخدام الأزمة المالية للتشكيك بالجاهزية الوطنية لإقامة الدولة.

وقال فياض في حديث لـ«البيان» عقب عودته من العاصمة المصرية القاهرة حيث شارك في اجتماع مجلس الجامعة على مستوى المندوبين لبحث الأزمة المالية الحادة التي تواجهها السلطة الوطنية إنه وضع الأشقاء العرب في صورة الأزمة المالية للسلطة. وأضاف: «لطالما وقف اشقاؤنا العرب معنا واليوم نحن في امس الحاجة لهم».

وتوقفت السلطة عن دفع رواتب موظفيها بصورة كاملة منذ مطلع هذا الشهر بسبب أزمتها المالية.

وقال فياض: «عندما تصل أي حكومة أو سلطة إلى وضع لا تتمكن فيه من التعامل مع الاستحقاق الأساسي، الأجر والمعاش، بكل تأكيد هذه السلطة تواجه أزمة مالية خطيرة».

 

السبب الحقيقي

وردا على سؤال حول السبب الحقيقي للأزمة المالية الحالية للسلطة الوطنية، قال فياض إن «السبب الوحيد هو النقص في التمويل الخارجي لدعم موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية، ولا يوجد تقصير أو قصور في أداء السلطة الوطنية في المجال المالي أو ترشيد النفقات».

مشيرا إلى ان الأمر له صلة بنقص متصل بالتمويل الجاري حملناه منذ العام الماضي، واستمر بمقدار 335، واستمر هذا العام فيما معدله 35 مليون دولار شهريا، وهذه مبالغ كبيرة لم نتمكن من خلال اللجوء إلى الاقتراض الإضافي من البنك من التعامل معها بشكل تام، ولا يمكن توقع أن نتمكن من ذلك، فنحن بحاجة ماسة لمساعدات سريعة لتمكيننا من التعامل مع هذه الأزمة.

وتابع فياض: «ما نحتاجه بهذه المرحلة حوالي 300 مليون دولار لتجاوز عنق الزجاجة، الذي نحن فيه ماليا الآن، وبما يضعنا على مسار أفضل ». وأضاف أن ذلك «سيساهم في تحقيق كثير من النجاح في عودة الأمور إلى طبيعتها فيما يتعلق بالوضع الداخلي وإنهاء الانقسام وعودة الوحدة للوطن، وبطبيعة الحال نحن بحاجة إلى ما هو أهم من الوضع المالي والاقتصادي، ألا وهو الشأن السياسي الوطني، فبدون غزة لا أرى كيف يمكننا الوصول بمشروعنا الوطني إلى ما نبتغيه في قيام دولة مستقلة على كامل أرضنا المحتلة منذ عام 1967».

 

اتفاق المصالحة

ورحب فياض بفكرة توصل حركتي «فتح» و«حماس» الى اتفاق لانهاء الانقسام. وقال انه يرحب بأي شخص تختارة الحركتان لترؤس الحكومة، مؤكدا انه لن يقبل ان يكون عقبة وانه ولم يكن يوما ولا يمكن أن يكون عقبة في طريق تحقيق المصالحة الوطنية.

وأضاف: «لست سببا لهذا الانقسام، ولم نفرض أنفسنا على أحد، ولا يمكن أن أضع نفسي في موقع المفروض على أحد»، داعيا إلى التريث قبل إطلاق الأحكام، مشددا على أهمية تنفيذ اتفاق المصالحة. وقال إنه لا يمكن أن تقوم لنا دولة مستقلة على أراضي عام 1967 إن لم تشمل قطاع غزة.

 

إجحاف بحق الحكومة

وحول محاولات استخدام الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الوطنية الفلسطينية، للتشكيك بالجاهزية الوطنية لإقامة الدولة، قال فياض إن في هذا إجحاف وعدم تركيز على المعيار الصحيح، فهناك دولا قائمة منذ عقود من الزمن، واجهت أزمات مالية مختلفة، وهناك اليوم دول الاتحاد الأوروبي التي تواجه أزمة مالية حادة، فهل هذا يعني أن هذه الدول لم تعد قادرة أن تبقى دولا وأن شعوبها لا تستحق أن يكون لها دول.

وقال فياض: «نأمل بأن نتمكن من الحصول على التمويل اللازم من أصدقائنا وأشقائنا، وبالتركيز على أشقائنا العرب.. وفي حال لم يتحقق ذلك في الوقت المناسب، فإننا لن نتخلى عن مسؤوليتنا وسنقوم باتخاذ إجراءات بالتوافق والحوار الوطني الشامل لتجاوز عنق الزجاجة وسنتجاوزه».

وحول احتمالية فرض عقوبات مالية على السلطة الوطنية نتيجة لتوجهها إلى الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، قال فياض إن إرادة القيادة الفلسطينية لن تحددها إطلاقا الحاجة إلى المساعدات، مؤكدا أن الحاجة للمساعدات لم تكن يوما عاملا محددا فيما يتصل بالخيارات السياسية ولن تكون مهما بلغت درجة الصعوبة التي نواجهها.

ولفت إلى أن انجاز الجاهزية الوطنية لقيام الدولة، والنجاح في تقديم نموذج جيد للحكم والإدارة وتقوية المؤسسات وتعزيزها، وأيضا من خلال توفير البنية التحتية الأساسية اللازمة.

 

النهاية الحتمية

واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني أن النجاح في تحقيق ذلك هو الذي شكل الركيزة الأساسية للجهد والنضال السياسي المبذول من قبل منظمة التحرير الفلسطينية للوصول بهذا المشروع الوطني إلى نهايته الحتمية والمتمثلة أساسا في «تمكين شعبنا من العيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة له» على كامل الأرض المحتلة منذ عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وأضاف: «نحن في المراحل الأخيرة من هذا الجهد السياسي المبذول على الساحة الدولية، وبما يشمل الإعداد للاجتماعات المقبلة للأمم المتحدة، وهذا التحرك مستند بشكل أساسي على النجاح الذي حققته السلطة الوطنية على صعيد انجاز ما هو مطلوب لتحقيق الجاهزية الوطنية لقيام الدولة، كما أنه يستند إلى حقوقنا الوطنية التي أقرتها الشرعية الدولية وقواعد القانون الدولي».

وأشار فياض إلى أن تنفيذ المشاريع التنموية والحيوية في مختلف المناطق لم يأت إلا استجابة لحاجة فلسطينية أساسية بهدف تمكين شعبنا من العيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة له، وقال: «أقول هذا في الوقت الذي ما زال البعض يواصل التشكيك بهذه الانجازات وكأنها مشروع وأجندة خارجية».