لا تغيب أخبار معركة تحرير الموصل عن نشرات الأخبار من شهور، ولكن الأسبوع الماضي بدأ جيش العراق وقوات البيشمركة الكردية عملية تحرير المدينة من تنظيم داعش الذي سيطر عليها في يونيو 2014.. نائب رئيس برلمان كردستان العراق جعفر إبراهيم إيمينكي شرح لـ«البيان» الظروف السياسية المحيطة لهذه المعركة، كاشفاً عن تحذير دفعت به حكومة إقليم كردستان إلى بغداد قبل ستة شهور من سقوط المدينة بيد التنظيم الإرهابي ملمحاً إلى وجود أياد خفية سلمتها، وقال نستشعر من خلال العمليات أن جهة ما توجه الإرهابيين في معاركهم، ونفى إيمينكي، في اللقاء الذي جرى بمدينة فرانكفورت الألمانية، أن تكون للأكراد أطماع في الموصل، مشدداً أنهم يريدون الحفاظ على هوية المدينة السياسية أو الجغرافية بعد اكتمال عمليات التحرير وإعادتها الى ما كانت عليه،

وفي ما يلي تفاصيل الحوار بين «البيان» وجعفر إيمينكي، والذي يوضح فيه صورة الموقف الكردي من المعركة وكذلك التركي من التطورات في العراق وسوريا.

يتردّد أنّ الأكراد لهم مطامع في الموصل؟

الموصل مدينة مهمة لكردستان العراق ولكن ليس لدينا أي أطماع توسعية فيها، فقط نريد إعادتها لسابق عهدها الذي كانت عليه من حيث التعدد والتعايش بسلام بين جميع مكونات المدينة العرقية والدينية وغيرها، فضلاً عن أن الموصل هي سلة العراق الغذائية ومرفأ اقتصادي لكل المنطقة، لذلك نحن مستعدون لمحاربة الطائفية في هذه المدينة للقضاء على نزعات التفرقة والتجزئة.

من هم أصحاب هذه النزعة الطائفية في الموصل؟

هذه النزعة مستوردة وليست عراقية، جاءت بعد الثورة الإسلامية في إيران، العراق كانت فيه مشكلة عرقية قومية وليست طائفية.

ألا ينطبق الأمر ذاته على الأكراد في سوريا الذين لديهم تلك النظرة الجيدة نحو أكراد العراق فانتعشت آمالهم الاستقلالية؟

الوضع مختلف في سوريا، فهم جزء أساسي من الثورة الشعبية وقد بذلوا كل ما في استطاعتهم لتجنيب منطقتهم الدماء والتخريب، وقد كنا منذ البداية مع الحوار السلمي لتسوية سياسية لأننا مازلنا نرى في المسألة السورية نظاماً يقمع شعبه، لقد فرض الحل العسكري على سوريا، وعلى الكرد هناك، فهم لم يكونوا سباقين إليه أبداً.

ما هو الدور التركي في هذا الحل؟

كان المفروض أن يكون دوراً محايداً، والخطاب الإعلامي في تركيا خطاب تصعيدي، نتمنى ألاّ يكون هناك مواجهة كردية تركية في سوريا.

معركة الموصل

ما هو حجم مشاركة البيشمركة في معركة تحرير الموصل؟

الحجم كبير عددياً هناك حوالي 50 ألف مقاتل كردي من البيشمركة ينخرطون في المعركة، وهم مستعدون جيداً وهناك تنسيق عال المستوى مع الجيش العراقي، والخطة التي وضعناها سوياً تسير في الطريق الصحيح، لقد قدمت قوات البيشمركة للجيش العراقي كل الإمكانات الفعلية والمساندة للقيام بدورهم.

الوضع معقد

كم هو الوقت المحدد لتحرير المدينة بشكل نهائي؟

ـ لقد احتاج تحرير الأنبار إلى ثلاثة أشهر، بينما الوضع في الموصل أكبر وأكثر تعقيداً، ولكل معركة ظروفها، غير أن نمط «داعش» القتالي بات مألوفاً ولم يتغير ونحن مستعدون له وسننتصر.

قاتلتم «داعش» في أكثر من منطقة كيف تصفون هذا التنظيم؟

هذا التنظيم خلقته أجهزة مخابراتية متطورة جداً، لأن خبرتهم القتالية ليست وليدة تدريبات تقليدية، وكل أساليبهم تدل على نمط نخبوي متطور كثير منها من مخلفات المخابرات العراقية في زمن صدام حسين، فضلاً عن الإضافات التقنية المعقدة التي تدفعنا للتساؤل من أين جاءت ومن يوفرها لهم، نحن نشعر بالحيرة من تكتيكهم، تراهم يندفعون نحو بغداد ثم يتجنبون بغداد، وكأن أحداً ما يوجههم.

هل لسقوط الموصل بيد «داعش» في يونيو 2014 صلة بما تقولون؟

الحقيقة مخفية حتى الآن، بعض الضباط من عهد صدام ساهموا في سقوط الموصل، ولكنهم ليسوا لوحدهم هناك أيادٍ خفية سهلت وساهمت في سقوط الموصل، لقد حذرنا بغداد من سقوط الموصل قبل ستة شهور.

موافقة بغداد

لماذا لم تتحرك القوات الكردية لمنع سقوط الموصل طالما كنتم تعرفون بقرب سقوطها بيد «داعش»؟

كنا بحاجة إلى موافقة من بغداد للدخول إلى هذه المناطق حسب المادة 140 من الدستور العراقي، لأنها مناطق مختلطة فيها كرد وعرب وغيرهم حتى لا نحيي ما تجاوزه التاريخ، ونحن على يقين أن العرب يكنون للبيشمركة كل الاحترام لكن الجانب السياسي مختلف.

العلاقة مع بغداد

ما تقوله يحيلنا إلى طبيعة العلاقة بين كردستان والدولة المركزية في بغداد.. ما هو شكل هذه العلاقة؟

في العامين الأخيرين تحسنت العلاقة مع بغداد وخاصة مع بدء معركة الموصل تحسنت أكثر، ونسعى لأن تكون علاقة سياسية متوازنة، ربما تساعد معركة الموصل على تكامل العلاقة، والرسالة واضحة من خلال هذه المعركة، الكرد والعرب يحتاجون بعضهم البعض.

الجيش التركي يدخل من حين إلى آخر مناطق في شمال كردستان، كيف تنظرون إلى ما يقوم به الجيش التركي في مناطق تابعة لإقليم كردستان؟

تركيا دولة جارة لنا، وليست لها أطماع في العراق أو إقليم كردستان كانت هنالك حرب حقيقية بين حزب العمال الكردستاني وبين الدولة التركية وليست بين الشعب الكردي والدولة التركية، هذه الحرب لها تداعياتها على دول المنطقة، وكل حدود كردستان هي بيد مقاتلي حزب العمال الكردستاني (بي.كي.كي). نحن منزعجون من هذه التحركات لحزب العمال لأنها تعيق الحياة التجارية والاقتصادية، ولا يوجد حاضنة اجتماعية للحزب في تلك المناطق.

صلة مقطوعة

كيف تنظرون إلى عملية درع الفرات التي تقوم بها القوات التركية شمال سوريا؟

علينا أولاً القول إن الصلة الجغرافية مقطوعة بين بعض مناطق الأكراد في سوريا مما يعطي المنطقة فهماً مختلفاً عما هو عليه في كردستان العراق، وقد تعرضت تلك المناطق لمشكلات كبيرة عبر التاريخ، وفي قناعتنا يمكن التواصل مع هذه المناطق من خلال حوار سلمي، وأن تكون تركيا جزءاً من هذا الحوار لأن تصعيد المنطقة عسكرياً ليس في مصلحة تركيا أو سوريا.

هل حقاً أن أكراد سوريا كانت لديهم طموحات للوصول إلى البحر المتوسط؟

ليس محرماً على الكرد أن ينظروا إلى المتوسط، لكن التفكير في هذا الأمر ليس واقعياً، فهو يدفع إلى مفهوم كردستان كبرى، المجتمع الدولي لن يسمح ولن يساعد، والواقع العملي غير مشجع في هذا الاتجاه.

الإمارات تجربة ملهمة

أشاد نائب رئيس برلمان كردستان العراق بالعلاقات الواعدة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإقليم كردستان العراق، وقال اننا في الإقليم نكن كل التقدير والحب للإمارات قيادة وشعباً وننظر بفخر إلى التجربة المتميزة في الإدارة والحكم وبناء العلاقات، وهذا ما خلق لدينا نظرة تفاؤلية أن نحذو حذو هذه التجربة ونستلهم منها وأعتقد أن استتباب الأمن في المنطقة سينعكس بشكل جيد على تنشيط التبادل التجاري عبر الحدود وليس عبر الجسر الجوي فقط.