عقد في باريس، أمس، الملتقى الدولي الثاني «الشرق والغرب: نحو حوار حضاري»، وحضره نخبة من علماء المسلمين، وغيرهم من الديانات الأخرى.

حيث أكدوا أن الحوار بين الشرق والغرب يجب أن يرتكز على المشتركات الإنسانية ومد جسور التواصل من أجل مستقبل أفضل للأجيال المقبلة، ودعا شيخ الأزهر أحمد الطيب إلى ضرورة التفكير في «العالمية» بدلاً من «العولمة»، كحل لإنهاء الصراع العالمي. وتعتبر باريس المحطة الأوروبية الثانية بعد اللقاء التاريخي الذي شهدته فلورنسا في شهر يونيو 2015، وسجل أول زيارة إلى أوروبا لفضيلة الشيخ أحمد الطيب.

مكافحة التطرف

وأكدت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، أن «باريس تحتضن هذا الملتقى العالمي وهي مازالت تنزف من الإرهاب الذي بات يهدد مناطق كثيرة من العالم»، وأشارت إلى أن هذا الملتقى يعتبر أحد الخطوات الإيجابية لمكافحة التطرف والسلبية ويعزز الحوار بين الأديان والثقافات، وهي رسالة تاريخية متجددة للشرق والغرب.

واسترسلت قائلة: «أشكر مجلس حكماء المسلمين على جهوده للتقريب بين الثقافات والشعوب، وخلق حضارة بناءة تفكر بمستقبلنا من خلال التقارب بين الشعوب».

في غضون ذلك، قال شيخ الأزهر، إن «الشرق والغرب لم يعودا في معزل عن بعضهما البعض، فالشرق لم يعد الشرق المجهول المخيف مترامي الأطراف، فيما ما وراء البحار، كما كان ينظر إليه الغربيون من قبل».

الاندماج

وأشار شيخ الأزهر إلى العقبات التي تواجه المسلمين في الاندماج في الدول الغربية، وانضمام عدد منهم إلى المنظمات المتطرفة، مضيفاً إلى المواد الإعلامية الغربية التي تسيء إلى الإسلام، وتطرق إلى العولمة، فقال: «العولمة لا يمكن أبداً أن تكون حلاً لعلاقات التربص المتبادلة بين الشرق والغرب»،

وتابع: «لا مفر من التفكير في العالمية عوضاً عن العولمة، فالأخيرة لا يمكن أن تكون حلاً لعلاقات التوتر بين الشرق والغرب، من أجل تحقيق السلام العالمي، بل هي مرحلة جديدة على طريق الصراع العالمي، بما تضمنه من تدمير لهويات الشعوب، والتي لا يمكن لأي شعب أن يفرّط بها»، وأضاف: «عالمية الإسلام تنظر إلى العالم على أنه مجتمع واحد، وتتوزع فيه مسؤولية الأمن والسلام على كل أفراده».

مشتركات إنسانية

من جهته، أكد الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، د. على النعيمي، أن الحوار بين الشرق والغرب يجب أن يرتكز على المشتركات الإنسانية، ومد جسور التواصل من أجل مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.

وأضاف النعيمي، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للملتقى الثاني للحوار بين حكماء الشرق والغرب، أن هناك العديد من المبادرات التي أطلقت للحوار بين الشرق والغرب، لكنها لم تؤتِ ثمارها، ونحن عازمون على حوار مقنع للجميع يؤدي إلى نتائج حقيقية، يجمع القلوب ويفتح الأمل للأجيال القادمة.

وأكد النعيمي، أن القمة التي عقدت، أول من أمس، بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، فتحت آفاقاً كبيرة للحوار من أجل تحقيق الخير للبشرية جمعاء، وعلينا جميعاً أن نتحمل مسؤولياتنا، وأن نبدأ على الفور في حوار يحقق السلام والخير للجميع.

وأضاف النعيمي: مجلس حكماء المسلمين، يسعى بجهود حثيثة إلى نشر ثقافة السلام والتعايش بين المجتمعات المختلفة على تنوعها واختلافها، فالهدف الأساسي لمجلس حكماء المسلمين هو نشر ثقافة السلام من أجل حياة أفضل للبشرية جمعاء.

إلى ذلك، شددت نائب الرئيسة لجمعية سانت إيجيديو هيلدا كيبوم، على أهمية التعايش، مشيرة إلى أن «هذا الملتقى يهدف إلى مد جسور التواصل من أجل التعايش السلمي بين بني البشر على اختلاف أجناسهم ومعتقداتهم، وهذا الأمر يتطلب متابعة وعزيمة، خصوصاً في هذه الفترة المعقدة من تاريخ البشرية، والتي يتساءل فيها المرء حول الفضاءات وطرائق التعايش الجديد بين الحضارات».

وأضافت كيبوم: «إن الأصداء العالمية للحروب المستمرة والتحولات العنيفة في العديد من المجتمعات، جعلتنا نتساءل: كيف نشيد مستقبلاً مشتركاً انطلاقاً من مسارات تاريخية مختلفة».

شيخ الأزهر يزور مسرح تفجيرات باريس

قام رئيس مجلس حكماء المسلمين، شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب، بزيارة مفاجئة لمسرح باتاكلان، الذي شهد سقوط أكبر عدد من القتلى في التفجيرات الإرهابية، التي هزت العاصمة باريس في 13 نوفمبر وراح ضحيتها ما لا يقل عن 130 شخصاً.

تحريم

وقال شيخ الأزهر «جئت هنا لأقول لكم جميعاً وباسم الإسلام إن دماء البشر معصومة ومحرمة، وإن العلاقة بين الناس التي أمر الله بها هي علاقة السلام والتآخي والتعاون».

وأكد أن «الإرهاب لا وطن له ولا دين، وإنني وكل المسلمين تألموا ألماً شديداً لكل قطرة دم سفكت هنا-وفي أي مكان- بسبب هذا الوباء الخبيث «ألإرهاب والتطرف».

محاربة التطرف

وأضاف «علينا جميعاً شرقاً وغرباً- أن نتكاتف من اجل محاربة من قتل هؤلاء الضحايا».

جهود

من جهته اكد الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين د- علي النعيمي، الذي شارك في هذه الزيارة «إننا نتألم لأهل الضحايا وان هذا العمل الإرهابي مدان ولا يمثل أي إنسان ويجب بذل المزيد من الجهود لنشر ثقافة الحوار والسلام والتعايش بين الشعوب والمجتمعات».