تشهد مصر أول انتخابات رئاسية تعددية حقيقية منذ ستين سنة وهذا أهم شيء جاءت به الثورة الشعبية برغم الأقاويل والإشاعات التي تناولت بعض المرشحين تحاول إفشالهم.
بين رئيس الدولة شمعون بيرس ومرشح الرئاسة في مصر عمرو موسى شيء واحد مشترك على الأقل. فلبيرس كما تعلمون أم عربية ولعمرو موسى كما علمنا هذا الأسبوع أم يهودية. وليست مجرد يهودية بل هي واحدة من الممثلات المصريات الكبيرات، هي راقية إبراهيم التي اسمها الحقيقي رشيل ابراهام ليفي. وقد تزوجت بحسب المزاعم والد موسى، ومن هنا يأتي النسب اليهودي للأمين العام للجامعة العربية السابق الذي ما كان ينقصه إلا هذا الآن في ذروة حملة الانتخابات.
عالمة الذرة
وأضافت مواقع الانترنت في مصر التي نشرت هذه «المعلومة» أيضا ادعاء أن راقية إبراهيم كانت عميلة للموساد الذي نجح بفضلها في اغتيال عالمة الذرة المصرية سميرة موسى في الخمسينات من القرن الماضي.
ومن اجل إثبات هذا الزعم عثر موقع الانترنت «محيط» على حفيدة راقية إبراهيم، ريتا ديفيد توماس التي صادقت في مقابلة صحفية مع الموقع أن جدتها كانت الصديقة القريبة للعالمة سميرة موسى وأنه بحسب يوميات راقية ابراهيم التي أُخفيت في مكتبة بيتها في كاليفورنيا، التقطت صورا في عدة مناسبات لبيت موسى بل أنها نجحت في نقش مفتاح بيتها في قطعة صابون سلمتها إلى عميل الموساد في مصر. وبعد ذلك بزمن قصير خرجتا لقضاء وقت في دار الأوبرا في القاهرة وهكذا استطاع عملاء الموساد دخول الشقة وتصوير أبحاث العالمة.
وانتهت العلاقة بين الممثلة والعالمة في 1952 بعد أن اقترحت راقية إبراهيم على سميرة موسى التوسط بينها وبين السلطات الأميركية التي حاولت إقناعها بالانتقال إلى الولايات المتحدة والحصول على جنسية والعمل على التطوير الذري. وحينما رفضت موسى هددتها بأن «النتائج ستكون أليمة». وهكذا تعقبت راقية إبراهيم العالمة المصرية سميرة موسى كما تقول الحفيدة حينما جاءت لزيارة الولايات المتحدة في 1952 بواسطة صديقة مشتركة أبلغتها عن جميع تنقلات العالمة. ونجح الموساد بمساعدة هذه المعلومة في اغتيال سميرة موسى.
إنكار موسى
أغرقت قصة تجسس وخيانة الفنانة اليهودية التي هاجرت بعد ذلك إلى الولايات المتحدة وتزوجت من منتج يهودي في هوليوود، أغرقت هذا الأسبوع وسائل الإعلام المصرية، واضطر عمرو موسى إلى شحن كل قدراته على الإقناع لينكر العلاقة العائلية بينه وبين الممثلة التي أدت الأدوار في عشرين فيلما مصريا في الثلاثينات والأربعينيات من القرن الماضي. «في الأنباء المنشورة عن زواج والد موسى من راقية إبراهيم لا يوجد شيء من الحقيقة»، قال متحدثو موسى، «فأم موسى هي ثورية حسين الهرميل ووالده هو الدكتور محمود موسى الذي كان عضوا في مجلس الشعب في الماضي».
بل أن موسى هدد بأنه سيرفع دعوى قضائية على من أشاعوا زعم أن أمه يهودية. ولم يكتف الباحثون عن الإساءة له بقذفه بتهمة أصله اليهودي فحسب بل ذكروا أيضا انه لم يخدم في الجيش. واضطر موسى إلى تقديم تفسير لدفع هذه التهمة التي تعتبر عارا كما هي الحال في إسرائيل وقال انه طلب أن يُجند للجيش لكنه حصل على إعفاء لأنه كان وحيد أمه والعائل الوحيد للعائلة بعد أن توفي والده حينما كان في الثامنة من عمره.
تجديد الثورة
ومع كل ذلك وبرغم العناوين الصحفية المجلجلة التي تثير الاختلاف في أصل المرشحين، لا يمكن ألا نتأثر بأنه لأول مرة في السنين الستين الأخيرة تنشغل مصر بمرشحين للرئاسة لا بمرشح معروف سلفا. وهذا أهم تجديد أحدثته الثورة الشعبية وهو أنها وضعت أسس انتخابات متعددة الاحزاب حقيقية ومعرفة المرشحين من كل تيار واتجاه. وقد انتقل احتكار المنصب الأعلى من ضباط الجيش إلى المدنيين ويستطيع أن يكون رئيسا حتى من يُنكر أن «أمه يهودية».
وبقي الآن أن نرى هل سيحتفظ الجنرال عمر سليمان، وهو الجنرال الوحيد في الأثناء الذي ينافس في الانتخابات، بترشيحه برغم الانتقاد الشديد له من قبل حركات الاحتجاج العلمانية والليبرالية التي هتفت أول من أمس به قائلة «مكانك السجن لا كرسي الرئاسة».
نقاء نسب الرئيس
أصل الوالدين والقرابة والجنسية المختلف فيها والخدمة العسكرية، كل ذلك جزء لا ينفصل من حملة الانتخابات الرئاسية التي ستزعزع مصر إلى نهاية مايو. واحتاج مرشح آخر هو الدكتور محمد سليم العوا إلى إنكار معلومات قالت إن أباه كان ذا جنسية سورية ولهذا لا يستطيع هو أيضا بحسب الدستور المصري أن يكون مرشحا للرئاسة.