بات من المألوف مع إطلالة غرة رمضان من كل عام ان تستقبل التهاني والتمنيات بالصحة والعافية وأخرى للبركة وقد يصل الأمر إلى الدعوة لخير المسلمين بتحرير أرضهم المسلوبة وعودة حقوقهم المغتصبة. لكن رمضان يأتي وآخر من بعده والحال لم يتغير ان لم يكن الأمر ازداد سوءاً في واقعنا المعاصر وفي منطقتنا العربية على وجه التحديد من محيطها إلى خليجها مع تجدد شهر الرحمة والمغفرة.

سياسياً لا تزال جراح فلسطين والعراق تنزف والاحتلال البغيض ما زال جاثماً على الأرض والصدور معاً دون ان ننسى احتلال دولة إسلامية أخرى وهي أفغانستان وهي التي مزقتها صراعات واحتلال سابق والسودان لم يخرج من النفق بعد وسوريا تحت الضغط الأميركي ولبنان تتجاذبه التيارات والزعامات. اقتصادياً لم يتغير الوضع في مختلف الدول العربية اللهم الا ارتفاع أسعار النفط الذي سبب جنوناً في الأسعار فارتفعت بحكم علاقة طردية معه.

الشباب وهم غالبية في أكثر المجتمعات العربية ما زال غول البطالة يتربص بهم والفراغ كما يقولون مفسدة والفقر وديون الصناديق الدولية تخيم على مساحات جغرافية واسعة وبعض الدول العربية تغطيها الديون حتى أجيال مقبلة وأسعار السلع والمواد تسابق الريح لنهش ما تبقى في الجيوب.

اجتماعياً غير التلفزيون والهاتف النقال والانترنت الكثير من العادات الاجتماعية كالتزاور والتراحم، وموجة المسلسلات «الرمضانية» تغرق محطات التلفزة على مدار الساعة ولا تترك وقتا مستقطعا للنزهات ورياضة المشي بعد وجبات رمضان الدسمة.

بالنسبة لزبائن طريق دبي الشارقة يبقى الوضع كما هو عليه ان لم يكن ازداد ازدحاماً عن العام الماضي ورحلة العودة المسائية قد تحتاج إلى ساعتين والطرق البديلة ليست بأحسن حال ولا مجال للحديث حتى الآن عن فرج قريب.

نفسياً كل العوامل السابقة تنعكس على حالتك النفسية والعصبية فالأخبار التي تسمعها او تشاهدها عن العراق وفلسطين وارتفاع الأسعار ورواحك جيئة وذهابا على طريق دبي الشارقة تأتي في مقدمة العوامل الرئيسة للإصابة بأمراض القلب وتجلط الشرايين وارتفاع ضغط الدم رغم ان المجتمعات العربية ومنها مجتمع الإمارات توصف بأنها مجتمعات شابة واغلب سكانها تحت الثلاثين.

لا نريد الاستمرار في النظر إلى نصف الكوب الفارغ فالشهر الكريم يجدد فينا دوما معاني الإيمان والرحمة والتراحم في مجتمعنا وما نراه على موائد الخير يوميا في المساجد أمر يبعث السرور بأن الخير باق في هذه الأمة حتى قيام الساعة.

asmadi@albayan.ae