ستبقى قضية الحرية التي يتشدق بها الغرب ليلا ونهارا قضية يصعب فهمها على الأقل بالنسبة للمواطن العربي العادي الذي يرى أن معيار هذه الحرية يتأرجح من قضية إلى أخرى وفق هوى ومزاج من يتعامل معها.

فالإساءة إلى نبي الرحمة عبر الصفحات السوداء للإعلام الدنماركي مسألة تتعلق ـ حسب زعمهم ـ بالحرية الشخصية ولا تستوجب الاعتذار من رئيس وزراء الدنمارك .

ولكن في الوقت نفسه فإن الحديث عن مذابح اليهود وحتى النقد الموضوعي لها يعتبر من المحرمات ويصل حد التجريم بنصوص قانونية في كثير من الدول الأوروبية.

وما حدث مع المفكر الفرنسي روجيه جارودي قبل سنوات خير مثال على ذلك حين شكك فقط في عدد قتلى اليهود فقامت قيامة الإعلام عليه هناك ناهيك عن المحاكم.

ولا نعرف حتى هذه الساعة ما هو المعيار الذي تستند إليه الحرية في الغرب، هل هي الحرية المطلقة التي تصل حد الوقاحة في التطاول حتى على الأنبياء أو أنها مقيدة تنتهي عندما يتعلق الأمر باليهود والأكاذيب التي يسوقونها ويروجونها على أنها حقائق علمية أم ان الأمر يختلف من قضية لأخرى وحسب اللون أو الدين أو العرق.

لنتذكر أن مارغريت تاتشر رئيسة الحكومة البريطانية تدخلت بقوة في الثمانينات من القرن الماضي ومنعت نشر كتاب يتعلق بحياة المسيح عليه السلام وهناك الكثير من الحالات التي حال فيها الفاتيكان دون نشر كتب أو منشورات تتعلق بالقيم الدينية، فهل كان ذلك انتقاصاً من الحرية؟ ولماذا لا ينطبق الأمر على نبي الإسلام؟

الحرية في العالم الغربي ـ إذا صحت التسمية ـ زئبقية لا يمكن أن تحدد متى تبدأ وأين تنتهي، وعندما يتعلق الأمر بالإسلام وأهله فانظر إلى ذاك الكم الهائل من الحقد والكراهية باسم الحرية، وهنا نتساءل من يكره من ومن يحرض على الكراهية؟

العالم الغربي وإذا جاز القول الأوروبي يهتم كثيرا بالحريات الشخصية وهو في سبيل ذلك أباح الشذوذ في أسفل درجاته من خلال القوانين التي تسمح بالزواج بين الشاذين، ولن يطول الأمر كثيرا حتى نسمع يوما أن العالم الإسلامي متهم بالتضييق على الشواذ وقد يستدعي الأمر تدخل الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

رغم كل ذلك فإن الواجب علينا أن نبادر إلى مخاطبة العالم اجمع وبجميع اللغات ونبين لهم كيف كان محمد صلى الله عليه وسلم في حياته الإنسان ونصير المرأة والحاكم والعبقري الذي حول المجتمع البدوي المتخلف إلى حضارة أنارت الدنيا .

ولم تعرف هذه الدول، ومنها الدنمارك، حقوقا للمرأة إلا في القرن العشرين بعد أن سبقهم محمد صلى الله عليه وسلم لذلك قبل ألف عام.