الولايات المتحدة لها موازينها ومعاييرها الخاصة في السياسة والاقتصاد والتي قد تخالف فيها المجتمع الدولي والشرعية الدولية ما دام أنها الدولة العظمى الوحيدة في العالم.

أميركا تهدد بالانسحاب من مفاوضات التجارة العالمية ما لم توافق الدول الأخرى وهي هنا «الدول النامية» على انفتاح أكبر للأسواق وبالطبع الانفتاح باتجاه واحد أي للبضائع والسلع الأميركية، وليس العمالة من هذه الدول لأميركا. وهي كذلك رفضت التوقيع على اتفاقية كيوتو للمناخ فكيف ستوقع مادام انها اكبر مصدر للنفايات في العالم؟

الولايات المتحدة أيضاً تطالب دول العالم أجمع بالتوقيع على مواثيق تستثني جنودها دون خلق الله من تهم جرائم الحرب والدول العربية بالطبع تتسابق حتى الآن للتوقيع ومن لا يوقع فقد يعاد النظر في سياسة التشحيد بحيث لا يتم صرف المبلغ السنوي لهذه الدول وهو بحدود 100 أو 200 مليون دولار مقابل 3 مليارات لإسرائيل.

الولايات المتحدة الديمقراطية تقود الآن حملة إسرائيلية لمقاطعة الفلسطينيين ومعاقبتهم على انتخاب حماس بما فيها سحب الخمسين مليون دولار التي كانت الدولة العظمى قد وافقت عليها فعلياً لصالح السلطة الفلسطينية ثم تراجعت بعد فوز حماس والمعيب هنا ليس التراجع الأميركي، بل قبول هذه المعونة أو أي مساعدة خارجية في المستقبل بما انها نوع من الابتزاز وهذا درس يجب ان تتعلمه الشعوب الحية خصوصا ان المبلغ كان لا يكفي لبناء فلل لكبار المسؤولين في السلطة السابقة.

توماس فريدمان بدوره يتحدث عن ابجديات تحول السيئ اذا قام بعمل صالح باعتبار ان حماس هي السيئة التي اغتصبت الأرض وشردت اهلها وتعتدي على المدنيين في ديارهم وهي الحال التي ميزت كاتب نيويورك تايمز في كتاباته عن الفلسطينيين.

أميركا لا تريد ان يحاسبها أحد على مشاريعها في العراق وغوانتانامو والتي يؤكد خبراء الاستراتيجيات انها في طريقها الى الفشل التام ولا تريد أن يشير أحد الى ما يقوم به جنود الحرية في أبو غريب ولا تريد ان تعترف بالحقوق الفلسطينية على أرض فلسطين، يسايرها في ذلك نفاق أوروبي ليس غريباً ما دام أنه سيكفل بقاء اليهود بعيدين عن الأرض الأوروبية.

هذا الميزان الأميركي أو قل الموازين الأميركية لم تعتدل في الماضي فكيف ستعتدل بوجود كتيبة المحافظين التي تهيمن على قرار البيت الأبيض والمؤسسات الأميركية، ولا يبدو ان دول العالم قادرة على تعديل هذا الميزان أو التأثير فيه، والأمل الوحيد المتبقي هو مؤسسات المجتمع الأميركي نفسه ومدى قدرتها في الضغط على دولتها.

بالنسبة للعالم العربي لا أدري لماذا تتسابق البرلمانات العربية بالتوقيع على إعفاء الجنود الأميركيين من تهم جرائم الحرب ما دام أن المحاكم هي التي يجب ان تقرر ذلك.

asmadi@albayan.ae