الرئيس الأميركي جورج بوش غارق هذه الأيام في حملة علاقات عامة للدفاع عن غزو العراق في الذكرى السنوية الثالثة لاحتلال هذا البلد وما زال مصراً على صواب قراره وهو يعد شعبه وشعوب العالم اجمع بحرب ضروس شرسة في العراق بعد ثلاث سنوات من الفشل العسكري الميداني ومن قبله الاستخباراتي في الوقت الذي يعلن فيه تمسكه بوزير دفاعه العراب والمحرض الأكبر على الغزو.

مشكلة الرئيس بوش انه وحتى اليوم لم يفهم طبيعة شعوب هذه المنطقة أو انه لا يريد أن يفهم حتى مع وجود قناة تلفزيونية ومحطة إذاعية تروج للفكر الأميركي ذلك أن شعوب المنطقة ونقولها بكل موضوعية تدرك ومنذ زمن أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون محايدة أو حريصة على راحة وأمن المنطقة .

وهي ترى أن أعداد الذين قتلتهم قوات الاحتلال فاق في بشاعته نظام البعث المقبور. حملة بوش للدفاع عن الغزو أو خطيئة العراق رافقها مقالات صحافية لكل من رامسفيلد وجاك سترو وزير الخارجية البريطاني .

وعدد من المسؤولين تشير كلها إلى البركات والخير الذي عم العراق في ظل الاحتلال ونعمة الأمن الذي بات جميع العراقيين يتمتعون بها فضلا عن الطائفية التي اختفت تماما وهي لا تبشر من قريب ولا بعيد بحرب أهلية طاحنة تأكل الأخضر واليابس.

الغريب ان بوش ما زال يشير إلى المفتشين ورفض صدام دخولهم العراق وهي الأكذوبة التي يعرفها العالم كله و يؤكد ان العالم أصبح أكثر أمناً بعد زوال صدام وأن الحرب كانت لحماية الولايات المتحدة وبالطبع فهو غير نادم على قتل 100 ألف عراقي ودمار البلد بأكمله وتحويله إلى ساحة للفوضى واللصوص الذين يعيثون فسادا دون رقيب او حسيب.

لقد صدق من قال ان حرب العراق زادت من مخاطر الإرهاب ولم تحقق الأمن للعالم فضلا عن الولايات المتحدة كما أنها زادت من فجوة الكراهية لكل ماله علاقة بالولايات المتحدة وبريطانيا تلك الامبراطورية التي غابت عنها شمس العدالة منذ أن قدمت فلسطين هدية خالصة لليهود على حساب شعب ما زال يعاني حتى اليوم.

شلالات الدماء وإزهاق الأرواح المستمر والفتنة الطائفية التي تطل برأسها على أبواب العراقيين كفيل بتوضيح حجم الكارثة التي سببتها حماقة عدد من المسؤولين في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الذين ما زالوا ينتظرون الزهور من الشعب العراقي ربما لحسهم الأخلاقي في ابوغريب أو غوانتانامو وما يجري فيهما من أمور ربما عجزت وحوش الغاب عن مجاراته.

هذه الحقائق باتت معروفة للجميع ونسوقها اليوم لذكرى الغزو فقط ذلك الغزو الذي أراده بوش مشروعا نهضويا للمنطقة كلها ليصبح من علامات الفوضى والخراب ليس في العراق فقط ولكنه يهدد بأكثر من عراق سواء داخل العراق الواحد أو خارجه .

والعراق في الواقع لم يحتل مرة واحدة بل هو فريسة للاحتلال اليومي ولم نسمع منذ مارس 2003 ان احتلال العراق توقف سواء احتلال الأرض أو الإنسان والقوات الأميركية تعلن كل يوم انها حررت أو طهرت بلدة ثم تعود لاحتلالها مرة أخرى في متوالية مضحكة ومبكية في آن.

بقي ان نقول ان خطيئة العراق ستلاحق بوش وإدارته حتى بعد مغادرته البيت الأبيض وسيأتي ذلك اليوم الذي يحاسب فيه الرئيس ومحافظوه الجدد خصوصا عندما يدرك الشعب الأميركي حجم الكارثة والخسارة التي يتكبدها يوميا وان كل ذلك كان فقط لرغبة وأجندة مجموعة من المسؤولين الذين احترفوا الكذب وكادوا ان يصدقوا كذبهم.

asmadi@albayan.ae