هي عنوان يستحق وقفة بعد أن بدأت لجنة خاصة من البيت الأبيض تحقيقاً حول «فبركة» مواد إعلانية تتحدث عن النجاحات الأميركية في العراق حيث تشير التقارير إلى أن وزارة الخارجية الأميركية تحولت إلى شركة إنتاج، فهي تقوم بإنتاج هذه الأشرطة وتوزيعها على محطات تلفزيونية مختارة بغية الترويج لأميركا.

على ما يبدو أن إدارة الرئيس بوش وبعد نجاحاتها الكبيرة في عراق ابو غريب وأفغانستان تحاول الآن الاستفادة من تكنولوجيا الكاسيت التي برع فيها تنظيم القاعدة وهي تحاول تقليده لكن الإخراج كان ضعيفاً للغاية. الرئيس بوش وحليفه السيد بلير وبعد أن اعترفا بالخطايا والكوارث التي سبباها في العراق ومن قبله في أفغانستان يحاولان تسويق هذه الخطايا إلى العالم لكن دون جدوى ،إذ ان حجم الفضائح والفظائع التي يقوم بها جنود العم سام هناك تترجمه الآن الاحتجاجات التي يقوم بها الأفغان ردا على قيام المارينز هناك بذبح المدنيين بدم أكثر من بارد.

إذا ثبتت الاتهامات بشأن الأشرطة التي تنتجها الخارجية الأميركية لصالح بوش فإن هذه الإدارة تكون قد قطعت شوطا طويلا في استغفال الشعب الأميركي، لأن العالم والشرق الأوسط خاصة أدرك منذ زمن العقلية التي تحكم أميركا حاليا ،والصورة النمطية التي ترسخت في عقول الملايين حول الولايات المتحدة لن تكفي كل أشرطة العالم ومحطاته التلفزيونية لمحوها أو حتى تغييرها.

من فظاعات أبو غريب في العراق وغوانتانامو في كوبا إلى عمليات القتل في أفغانستان وحصار الفلسطينيين وحرمانهم من الدواء والغذاء وتسليح إسرائيل لقتلهم، كل تلك شهادات دولية بحق هذه الدولة التي تسعى لتحسين صورتها من خلال شركة الكاسيت المفبركة ومحطات التلفزة المشلولة.

كيف يمكن لعاقل ان يغير تفكيره عن الويلات التي سببتها الولايات المتحدة لكثير من شعوب العالم وهي تمتلك تاريخا حافلا من التسلط على البشر ،وليس كما يقال راعية الحرية والديمقراطية، والشعب الفيتنامي ما زال يتحدث حتى اليوم عن مذابح نفذها جنود أميركيون ضد مدنيين عزل.

اعتقد أن أميركا المعروفة للعالم باتت تُعرف أكثر بمعتقل «غوانتانامو» الشهير الذي بات علامة تجارية أميركية خالصة مثله مثل الكوكاكولا، وماذا يمكن أن يقال بعد الانتحار «المزعوم» لثلاثة معتقلين؟ وكيف يمكن أن ينتحر هؤلاء في الوقت الذي تحصى فيه أنفاسهم ويعرف حتى عدد المرات التي يذهبون فيها إلى الحمام؟.

غوانتانامو باتت تلتصق اليوم بالسيد بوش ووزير دفاعه وإدارته وباتت هذه الجزيرة الكوبية عنوانا لكل شيء بشع كما هو الحال في قنابل هيروشيما وناجازاكي ويبدو انها ستكتب في سجل انجازات السيد بوش الذي يحاول الآن فبركة برامج وأشرطة كاسيت تمجد نجاحاته، خصوصا عندما نعلم ان جنود السيد بوش قتلوا من العراقيين أكثر مما قتل غيرهم ولن تكون مجزرة حديثة ومعتقل ابو غريب آخر المجازر.

الأجيال القادمة من العراقيين حتما ستحاكم من ذبح الآباء والأبناء واغتصب النساء ولن تنسى أعداد السجناء الذين هم بضيافة السجون الأميركية في العراق والدول العربية ولن تنسى كذلك النفاق الأوروبي للولايات المتحدة وسكوت هذه الدول على هذه البشاعة والانحطاط الذي أصاب الضمير الإنساني خصوصا الأوروبي والأميركي والذي لا يتحرك إلا عند مقتل مستوطن إسرائيلي على الأرض الفلسطينية.

asmadi@albayan.ae