الاستفتاء الذي يجري الحديث عنه حاليا على الساحة الفلسطينية والذي مازال يثير الكثير من النقاش بين مؤيد ومعارض يظنه الكثيرون نهاية المطاف والعقبة الأخيرة في قضية تكثر قضاياها وتتشعب فصولها ليس آخرها تشبث فتح بخيط الاستفتاء استمرارا لحالة الحرب التي تشنها على حماس منذ تسلمها للسلطة.

والاستفتاء في مفهومه بادرة حضارية وقد تكون مطلوبة في هذا الوقت بالذات بدلا من التناحر كما ان العودة للشعب الفلسطيني خطوة مطلوبة في ظل حالة العجز الفلسطينية واستماتة فتح في العودة إلى الحكم في ظل استمرار الحصار والتجويع الذي تمارسه قوى العالم ضد الشعب الفلسطيني حيث تطمع فتح في القفز مرة أخرى على الحكم وان يغير الشعب الفلسطيني وجهته تحت تأثير الجوع ويتحول عن حماس.

وإذا افترضنا ان الاستفتاء تم ووافق الفلسطينيون على التفاوض مع إسرائيل وحتى الاعتراف بها فهل ستقابله إسرائيل من جهتها باعتراف مماثل بالحقوق الفلسطينية ومنها عودة اللاجئين وإقامة الدولة على حدود 67 وبالقدس عاصمة لهذه الدولة؟

الإجابة عن التساؤلات السابقة لا يحتاج إلى كثير من التحليل والتفكير وتاريخ المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية يعطي إجابة واضحة بدءاً من مدريد العلنية مرورا بأوسلو السرية وحتى كامب ديفيد 1 و2 وشرم الشيخ كلها تعطي إجابات عن الأسئلة السابقة.

وكيف تعاملت إسرائيل مع الشعب الفلسطيني خلال هذه الفترة وكانت كل نقطة ومسألة من المسائل المتفق عليها في المفاوضات السابقة تحتاج إلى مفاوضات أخرى وجولات عديدة للتنفيذ ونقاط جديدة تثيرها إسرائيل في كل مرة تنفذ فيها خطوة حتى لو كانت هامشية وفرعية.

حركة فتح لم ولن تتقبل هزيمتها في الانتخابات الأخيرة وهي تحاول بكل السبل محاربة حكومة حماس وبيان انها عاجزة عن التعاطي مع المجتمع الدولي وهي السبب في حصار وتجويع الناس وتناست حصار ياسر عرفات قبل ذلك في المقاطعة وحالات أخرى من الحصار كانت تلجأ إليها إسرائيل دوما ضد الشعب والسلطة في آن واحد.

لتترك حماس الفرصة للاستفتاء وليقول الشعب الفلسطيني كلمته رغم انه قالها من خلال صناديق الاقتراع قبل شهور مضت وفوضى حماس بالقرار الفلسطيني لكن لا مانع من الاستفتاء كمحاولة للخروج من أزمة بين أزمات عدة لن تنتهي بانتهاء الاستفتاء ويمكن لحماس الإعلان على الملأ استعدادها للتفاوض مع إسرائيل بشرط اعتراف إسرائيل بالحقوق الفلسطينية ومنها حق الدولة وعودة اللاجئين والقدس ولتنظر ماذا ستفعل إسرائيل تجاه هذه الخطوة.

بالنسبة لأوروبا وفي المنظور القريب لن تغير من سياسة النفاق والمداهنة للولايات المتحدة وبالتالي على صناع القرار الفلسطيني أيا كان موقعه ألا يتوقع الكثير من أوروبا التي مازالت تحرص على إبقاء اليهود بعيدا عن أراضيها وهي تسعى بكل السبل لتكريس هذا الأمر على ارض فلسطين.

الشعب الفلسطيني مطالب بالنضوج أكثر والتعامل مع الواقع الذي تتحكم فيه قوى غابت عنها قيم العدالة والأخلاق ممثلة في الولايات المتحدة وأوروبا المشلولة التي تقف عاجزة عن اتخاذ قرار بعيدا عن التأثير الأميركي وهي تكتفي بمهمة حامل الحقيبة أو دافع الشيكات ولكن بعد موافقة أميركا.

asmadi@albayan.ae