لاشك أن أحداث 11 سبتمبر 2001 أو غزوة منهاتن كما سماها أصحابها لم تكن حدثاً عادياً أو هجوماً تقليدياً على أعظم قوة عسكرية واقتصادية على وجه الأرض فهي لم تغير معالم الجغرافيا والتاريخ فقط ولكنها كانت عنواناً لكل ما في البشاعة من معنى وبالطبع كان الضحايا فيه إضافة إلى من قضوا في البرجين آلاف العرب والمسلمين في العراق وأفغانستان.

والحدث الذي أطلق عقال ما يسمى بالحرب على الإرهاب تسبب في احتلال دولتين إسلاميتين وهما أفغانستان والعراق كانت الثانية فيه ضحية كبرى قتل فيها أكثر من 100 ألف عراقي مدني لا ذنب لهم إلا أنهم عراقيون قدرهم أنهم عاشوا في هذا البلد الذي عاث فيه حكامه فساداً وقتلاً قبل أن تجهز طائرات ودبابات العم سام على ما تبقى من بلد وشعب جروه قبل ذلك إلى حربين وحصار دام أكثر من عقد من الزمان لم يتأثر فيه سوى الشعب المغلوب على أمره.

وعندما نقول إن العرب والمسلمين هم الضحايا الكثر في هذه الموقعة فإننا لا نبالغ ولا نجانب الحقيقة فالمطارات ومنافذ الحدود وغرف التحقيق وغوانتانامو جميعها شواهد على ما يتعرض له كل وجه له معالم عربية ناهيك عن التحريض سماعاً ورؤية والاستهزاء الذي طال مقدسات ورموز الإسلام.

ولا نعرف حتى اليوم هل أدرك الذين ركبوا طائرات 11 سبتمبر أياً كان موقعهم وانتماؤهم أنهم قدموا خدمة لا تضاهى بثمن لإدارة الرئيس الأميركي الحالي الذي استجلب شعبية لم يكن يحلم بها وأطلقوا عقال الأحقاد من تيار كان ينتظر الفرصة فيما يسمى بالمحافظين الجدد الذين لاحت لهم فرصة لن تتكرر وأجهزوا على ما تبقى من اعتدال قد يظهر في مجتمعات باتت محكومة للتطرف بكل أشكاله.

البعض رأى أن الحادث وما تمخض عنه من حروب واحتلال ووجود أكثر من 200 ألف جندي أميركي في بلاد العرب قدم خدمة جليلة لكثير من الأنظمة التي حاربت أميركا نيابة عنها ضد القاعدة كما أن هذه الحرب أطلقت تيار الإصلاح والديمقراطية في منطقة ما زالت عصية على احترام حقوق الإنسان وحفظ كرامته رغم أن هذه الديمقراطية تسببت في حصار وتجويع الشعب الفلسطيني ووقف كل أشكال المعونة عنه عربياً وعالمياً.

الطريف في الأمر أن كل شريط جديد كان يظهر للقاعدة كان يعمل على تسخين شعبية الرئيس الأميركي وإدارته وكل هجوم وتصرف أميركي ساذج ضد شعوب المنطقة كان يزيد من شعبية قادة القاعدة وكأن وجود كل طرف ضرورة لبقاء الآخر .

ولكن حتى هذا اليوم وبعد كل هذه المآسي هل قضت أميركا على أعدائها وهل استراحت المنطقة من متطرفيها ـ إذا جاز القول ـ الجواب نراه اليوم مع تزايد تيار الكره لكل ما هو أميركي وتصاعد موجة لا سابق لها ضد الولايات المتحدة ليس في المنطقة فحسب بل في العالم كله حتى في أوروبا الحليف والصديق الذي تمن عليه أميركا كل يوم بأنها حررته من هتلر ولهذا عليه أن يبقى في بيت الطاعة الأميركي.

وجهة نظر أخرى ترى في الهجوم الأميركي على المنطقة العربية بأنه استدعاء للموروث البريطاني البغيض في الاستعمار والهيمنة رغم اختلاف شكل وأسلوب التنفيذ زماناً ومكاناً في الوقت الذي كشفت فيه الإحداث أن الأنظمة والشعوب العربية ما زالت في مرحلة ردة الفعل.

وهي لا تملك من أمرها شيئاً حتى إن وجود 30 ألف جندي إسرائيلي على الأرض اللبنانية لم يحرك ساكناً في الجسد العربي كما أن عبارات الشجب والاستنكار غابت هذه المرة عن الدبلوماسية العربية بفعل اتصالات الرئيس بوش الهاتفية كما تقول مجلة التايم الأميركية الشهيرة.

asmadi@albayan.ae