الجولة الأخيرة لزعيمة الدبلوماسية الأميركية كوندوليزا رايس تنبئ ان الإدارة الأميركية لم تفق حتى اليوم على أخطائها المتراكمة التي توجتها باحتلال العراق وهي حتى اليوم لم يبدر منها ما ينبئ بحصول تغيير فعلي على ارض الواقع سواء في تعاملها او تفهمها لطبيعة المنطقة التي تحاول رايس ان تجيش التحالفات داخلها.

رحلة التحالفات وحلف المعتدلين الذي تنشغل بتكوينه رايس هذه الايام لن نجانب الحقيقة إذا قلنا ان الفشل والفشل التام بانتظاره كسائر مشاريع الولايات المتحدة في المنطقة التي تعاني من فشل كلوي وامراض مزمنة لأن الولايات المتحدة زعيمة العالم الحر كما تسمي نفسها ما زالت حتى اليوم ترفض ان تتفهم هذه المنطقة وطبيعة المشاكل التي تعاني منها ولذلك اما ان تستعمل المسكنات التي لا تجدى نفعا أو انها تتجاهلها تماما كما حدث مع القاعدة في البداية ثم تنفجر تلك الدمامل محدثة ذلك الأثر السيء سواء على المنطقة أو مصالح أميركا نفسها.

الولايات المتحدة مسكونة بعقدة اسمها إسرائيل وهي على استعداد للتضحية بمصالحها كلية في المنطقة إرضاء لهذه الاسرائيل والحل الأميركي لأي قضية في المنطقة لابد ان يقدم مصلحة كيان صغير على حساب مصالح وهموم 300 مليون عربي ما زالوا يعانون من سياسة أميركية عرجاء وعمياء تدور حول المشكلة دون ان تقترب منها.

لا ندري ما هي الشروط الواجب توفرها في الحليف الأميركي المعتدل ومؤهلات عضوية حلف المعتدلين وهل ينقص المنطقة احلاف جديدة بعد ان باءت السابقة بالفشل وماذا سيكون مصير الحلف الآخر غير المعتدل بنظر السياسة الأميركية هل ستنطبق عليه مقولة بوش من ليس معنا فهو ضدنا.

إذا كانت الديمقراطية وحقوق الإنسان هما ابرز الشروط للانضمام إلى حلف المعتدلين فإن هذه الديمقراطية داست عليها أميركا في أكثر من مناسبة آخرها في فلسطين التي لم تتوقف أميركا منذ فوز حماس عن محاولاتها لإفشال التجربة هناك كما ان حقوق الإنسان هي الأخرى باتت قضية تعتمد على المزاج الأميركي إذ ان كثيرا من حلفاء أميركا أصبحوا أسيادا في انتهاك هذه الحقوق فضلا عن اميركا نفسها التي تحولت إلى دولة تعذيب ومراقبة لخصوصيات الناس ومعتقلات سرية وغير سرية في غوانتانامو وأوروبا والمنطقة العربية.

متى تدرك الولايات المتحدة ان تخبطها لم يعد يقتصر على المنطقة العربية فقط بل ان أميركا الجنوبية التي كانت يوما الحديقة الخلفية لأميركا بدأت تنتفض دولة بعد أخرى على سياستها وأساليبها الملتوية التي باتت مكشوفة حتى ان حلفاءها في أوروبا ما عادوا كسابق عهدهم والكثير من المفكرين والسياسيين داخل أميركا أو خارجها لم يتوقفوا يوما عن نقد هذه السياسة وبيان خطاياها وضرورة كبح جماحها وتغولها رغم ان الدولة الوحيدة الباقية على التأييد المطلق لأميركا هي بريطانيا التي كانت عظمى يوما ما وأصبحت اليوم الناطق الرسمي لأميركا في العالم.

لا نعرف إلى متى ستستمر أميركا في سياستها التي تتصف بكثير من غرور القوة والعجرفة فضلا عن الجهل الذي كلفها الكثير من المصداقية التي تزن بأكثر من مكيال وما جولة رايس الأخيرة في المنطقة ومحاولتها تكوين التحالفات على الطريقة الأميركية إلا شاهد على هذه السياسة التي تتخبط على غير هدى وللتذكير فقط فأنها جولة لن تقدم أو تؤخر في صراع المنطقة حتى تقر الولايات المتحدة وإسرائيل بان هناك شعوبا في المنطقة تتطلع إلى العدالة التي تعني عودة الأرض والحقوق لأصحابها اذا أرادت تحقيق الاعتدال وتكوين تحالفات للمعتدلين.

asmadi@albayan.ae