انشغل العرب بالربيع فانهمك الإسرائيليون في تهويد القدس وتسريع تحويلها عاصمةً لكيانهم الإسرائيلي، ولم يتوقف الإسرائيليون عند تهجير المقدسيين من مدينتهم، ولا عند الاستيلاء على المساكن والمناطق الفلسطينية والإسلامية وحتى المسيحية التاريخية في المدينة المقدسة، بل شرعوا في استحداث مواقع يهودية مع التوسع في إنشاء المستوطنات الإسرائيلية التي طوّقت القدس وامتدت إلى خارج جغرافية المدينة حتى أصبح مطار قلندية المقام على أرض فلسطينية صرفة جزءاً من الخارطة الجغرافية لبلدية القدس.
وفي ظل الانشغال العربي والدولي بما يحدث في عالمنا العربي، وفي ظل تفاعلات (الربيع العربي) أنجز الإسرائيليون وخصوصاً تحت حكم نتنياهو وجماعة من المتعصبين الصهاينة الكثير من المتغيِّرات، حتى تكاد القدس العربية تفقد هويتها العربية والإسلامية جراء الانتهاكات الجسيمة لحكومة نتنياهو والتي طالت صحن المسجد الأقصى، وحوَّلت الكثير من الأحياء العربية إلى أحياء يهودية من خلال إنشاء العديد من الوحدات الاستيطانية التي رفعت من وجود اليهود الذين أصبحت أعدادهم تفوق أعداد الفلسطينيين العرب.
ولأن الإجراءات الإسرائيلية تشكّل انتهاكاً صارخاً وصريحاً للقانون الدولي وللعديد من القرارات الدولية، وبالذات قرارات المجلس الدولي التي أكَّدت جميعها على عدم الاستفادة من وضعية الاحتلال لتغيير ما هو موجود على الأرض، ولأن الجانب القانوني للقدس واضح أشد الوضوح فإن ذلك ما يدعو الدول العربية والإسلامية إلى التحرّك والوقوف بحزم لمواجهة التحدي الإسرائيلي الذي يهدّد عروبة القدس.
فالوضع يحتم على العرب والمسلمين جميعاً القيام بتحرّك سريع لمواجهة هذا العدوان السافر، ويجب أن لا يشغلنا ما يجري في بعض الأقطار العربية من حراك، عن أهم قضية، لا تهدد عروبة وهوية القدس فحسب، بل تقضي على أي فرصة لحل القضية الفلسطينية، القضية المركزية للعرب والمسلمين، فابتلاع القدس والاستيلاء عليها من قِبل الإسرائيليين يلغي فكرة إقامة الدولة الفلسطينية التي هي الأساس العادل لحل القضية الفلسطينية.