المجتمع الإماراتي تربى على «الفزعة» منذ قديم الزمان، وهذه الصفة ملازمة لهم في حياتهم، وفي بداية عام 2017، أمر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، بتسميته «عام الخير»، وهب كافة أفراد المجتمع من شيوخ ومواطنين ومقيمين للمشاركة، لأن الخير متأصل فيهم، ولأن الجميع يحب الخير لنفسه فكذلك يحب أن يراه على غيره.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، دعا إلى عقد جلسة للعصف الذهني لخلوة الخير، لمئة مسؤول ووزير، ولم ينس مشاركة الشباب في هذه الخلوة، لأن عنصر الشباب هو الذي سوف يتعلم من هذه الخلوة ويمارسها مستقبلاً.

كنت أشاهد المرحوم والدي عندما كان يذهب لجلب العديد من «شاحنات الماء» عندما كنا في الكويت، وكنت أرافقه وأشاهده في المساء يؤجر عدداً من «التناكر» خلف منطقة للعديد من عمارات الأيتام، لكي تبدأ صب الماء في الخزانات ولمن يحتاج، أو إذا طلب منه أحد من أهل الإمارات من أولئك الذين يسكنون في تلك العمارات التي كان قد بناها الشيخ المرحوم عبدالله السالم الصباح.

لم أكن أفهم لماذا كان يفعل هذا. كنا نعود للمنزل وكان والدي يدوّن بكم أجّر وكم وزّع وعلى كم عمارة، وعندما كبرت عرفت أن هذا كان عملاً تطوعياً من والدي، طيب الله ثراه.

عندما بلغت ست سنوات أخذ والدي يعلمني كيفية توعية جيراننا من العرب والإماراتيين، بالقيم النبيلة، وعندما أعود وأسأله وأقول له لماذا هذا التكليف، كان يرد بأنني لابد أن أعتاد على العمل التطوعي.

هذا غيض من فيض أسرده لكم، وبعض ذكريات حياتي التي شاهدتها وانغرست فينا منذ الصغر.

نستطيع أن نكون نواة لأجيال الخير من الطلبة الناشئين، ونطلق عليهم أجيال 2017 من عام الخير، وندربهم على مجموعة أعمال خيرية لكل مدرسة على حدة، فنبدأ بتعليمهم وتدريبهم حول كيفية فعل الخير، وتأهليهم وأخذهم إلى عدة أماكن كالمستشفيات ودور الأيتام ودور المسنين وعلى غير ذلك، ثم زيارة دور المعاقين وبالتدريج، وهكذا نستطيع أن نؤهل جيلاً كاملاً من طلبة المدارس من الإمارات ليعتاد على العطاء منذ صغره، وليكون نافعاً ومفيداً ومعطاءً.