تتلألأ من تحت سقف التاريخ شخصية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، بسرد استراتيجي يُشكّل قاعدة التوجيه وبناء الدولة. ترتسم في سرده قيم إنسانية تتجلى في رؤية بنّاءة، حيث تتوازن براعةُ تحقيق مصالح الوطن مع احترام حقوق الأفراد. تَعكس كلماته وأفعاله الجليّة والإبداعية تجسيد طابع القيادة الاستراتيجية المتجددة التي خلّفت أثراً عميقاً في طريق الازدهار.
ومما لا شك فيه، أن المتتبع لمسيرة الشيخ زايد، يكتشف بسهولة أن دور هذا القائد العظيم تجاوز الإشراف والقيادة، إذ يمتد ليشمل توجيه الأمة نحو آفاق مستقبلية مشرقة. حيث بأسلوبه المتميز، أثبت زايد تفهّمه العميق للمسؤولية القيادية، وضرورة تحقيق التقدم بأسلوب فطري استراتيجي.
نموذج الشيخ زايد الملهم للقيادة الاستراتيجية، يُجسد رمز القائد المثالي للقيادة الاستراتيجية المتجددة، المحرك للتقدم والازدهار. ينبض تأثيره في تشكيل منظومة قيادية مستدامة. في تحليلها يبرز دوره في تحديد أهداف القيادة ومسؤولياتها الجوهرية، مُقدماً بذلك نموذجاً للاستقاء منه للأجيال القادمة. يعكس بشكل واضح تواصله المؤثر مع كافة فئات المجتمع لترسيخ ثقافة التعاون والتواصل، على الصعيدين الوطني والعالمي.
في هذا السياق، يأتي تصريح القائد المؤسس «إن رعاية الشعوب مسؤولية وواجب على القادة أن يسعوا بكل إخلاص وتفانٍ لتحقيق آمال شعوبهم وطموحاتهم. إننا ننظر إلى مجلس التعاون على أنه مكسب ثمين وكيان له وزنه في العالم وزاد من رصيد الأمة العربية» يُسلط هذا البيان الضوء على إيمان الشيخ زايد بأهمية الالتزام بتحقيق طموحات وآمال الشعب الذي يقوده، حيث تحمل عبء رعايته وتقدمه بكل وجدان. وينبع هذا من فهمه الواضح لأهمية التواصل والشفافية في دوره القيادي. ومن هنا، نستشف تركيزه على أن القيادة ليست مجرد منصب ومسمى، بل هي مهمة تكليف تحتاج إلى تفانٍ ورؤية استراتيجية لتلبية تطلعات الشعب. ويكمن في هذا المفهوم البصيرة الإنسانية التي كانت الدافع الذاتي الأصيل نحو تحقيق التنمية المستدامة ورفاهية المواطنين.
ومن نفس المنظور، تتجلى كلمات الوالد المؤسس: «إن القائد يجب أن يؤمن بأنه الأمين على الشعب وعلى ثروته، وأن يطبق على نفسه ما يطبقه على شعبه، لأن البشر أكرمهم الخالق عز وجل، وأعطاهم حقوقاً كثيرة في أرضه ونحن كمسلمين يجب أن نلتزم التزاماً كاملاً بكتاب الله الذي هو دستور الحياة وليس من صنع البشر».
هذا المبدأ يُجسّد العدالة والتوازن في توجيه الجهود وتحقيق التقدم بطريقة تشمل الجميع دون استثناء. وأن يكون القائد نموذجاً يُحتذى به، وأن يتبنى قيم النزاهة والعدالة في تصرفاته، ويتعزّز دوره كحامٍ للشعب ومقدّر لثرواته.
يُصرح الشيخ زايد: «إن العالم ينظر إلى الدولة الفتية ليرى كيف تنفض عن نفسها آثار التخلف الطويل. لقد قيل دائماً: إن الإمارات كانت تحت وطأة الاستعمار، وقيل أيضاً: إن الإمارات كانت تحت الحماية. أنا أقول الآن: إن الإمارات كانت تحت وطأة الإهمال. وقد آن الأوان لنعوض ما فاتنا». تُظهر هذه الممارسة إصراره على تجاوز التحديات التاريخية ومختلف أشكال التخلف، وبناء مستقبل أكثر تقدماً وإشراقاً. ويجسد هذا الموقف تطلعه الراسخ لتحقيق التقدم والتطور في مسيرة الدولة. ويعكس رؤية القائد زايد الثاقبة لدور الإمارات في مجالات مختلفة، وتحويلها إلى دولة متقدمة ومتميزة. هذا يجسّد عزيمته على تحقيق الازدهار والتقدم بصرامة واستراتيجية.
يتضح من خلال السرد الاستراتيجي للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أنه لم يكن مجرد قائد، بل كان رمزاً للرؤية الاستراتيجية والقيادة الحكيمة. بممارساته العميقة والملهمة أرسى قواعد القيادة الاستراتيجية المستدامة والمؤثرة. إن إرثه يظل حياً في نفوس الأجيال الحالية والمستقبلية، حيث يتحلى القادة بالإلهام من تجربته الرائدة في تحقيق التقدم وبناء دولة قوية ومزدهرة.