هناك قائمة طويلة لا تنتهي من الرغبات والمتطلبات والأهداف التي نركض خلفها ونسعى للحصول عليها، بيننا من يقوم بهذا السعي بأخلاق وحب وتفهم لرغبات الآخرين وهناك من ضميره في إجازة، يؤذي من حوله ويقسو على كل من يتقرب منه، المهم في سعينا هذا يجب أن نفهم ونستوعب أننا لسنا وحدنا بل هناك أناس يشاركوننا الرغبة والهم والأمل، وهم أيضاً لديهم طموحات وأهداف ورغبات يريدون تحقيقها، قال الدكتور ألكسيس كاريل: «إن رجال الأعمال الذين لا يعرفون كيف يقهرون القلق يموتون مبكراً»، ولذلك يحتاج الإنسان حتى يطرد القلق إلى الانشغال، إذ يعد أعظم مسكن للأعصاب القلقة الثائرة ومسكن العقول، إننا لا نخشى القلق حينما نعكف على أعمالنا ولكن ساعات الفراغ أخطر تلك الساعات، ولذلك حينما توشك أذهاننا أن تصبح خالية يبدأ القلق، قال جون كوبر في كتابه فن نسيان الشقاء: «إن إحساساً بالاطمئنان والسلام النفسي والاسترخاء الهنيء يطغى على أعصاب الإنسان حينما يستغرق في العمل».

إن أفضل الطرائق للاستعداد للغد أن نركز على قدراتنا لإنهاء عمل اليوم بأحسن ما يكون، إنها الطريقة الوحيدة للاستعداد للغد.

وهناك طبيب نفسي ينصح أحد مرضاه: «أريدك أن تنظر إلى حياتك كأنها ساعة زجاجية كتلك التي استخدمت قديماً لتحديد الوقت، أنت تعلم أن هناك آلافاً من حبات الرمل توضع في نصف هذه الساعة الأعلى فتمر ببطء في نظام دقيق من الرقبة الضيقة إلى نصفها الأسفل، فلا أنا ولا أنت نستطيع أن ندفع حبة واحدة زائدة عما يمر بالفعل من دون أن نصيبها بخلل، أنا وأنت والناس جميعاً مثل الساعة الزجاجية فحينما نصحو نجد مئات المهام في انتظارنا، فإذا لم ننظم هذه الأعمال كلاً منها في دوره في بطء وانتظام كما تنزلق حبات الرمل من عنق الساعة فإننا نعرض أجسامنا وعقولنا لأخطار التحطيم».

إنها دعوة من القلب للتفاؤل والنظر للحياة بإيجابية وفرحة، وأنت تقف الآن في ملتقى طريقين ماضٍ كبير ذهب بلا عودة ومستقبل مجهول يتربص بكل لحظة من الحاضر قال روبرت لويس ستيفسون: «كل إنسان يمكنه حمل عبئه مهما كان ثقيلاً حتى يأتي الليل وكل إنسان يمكنه إنجاز يوم عمل واحد مهما كان صعباً وكل إنسان يستطيع أن يعيش قرير العين صابراً محباً حتى تغرب الشمس هذا في الحقيقة كل ما يبتغيه من الحياة».

في هذا السياق أذكر أبياتاً شعرية جميلة وعذبة لجبران خليل جبران، يقول فيها:

ليس حزن النفس إلا.. ظلّ وهمٍ لا يدوم

وغيوم النفس تبدو.. من ثناياها النجوم