الحديث عن تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة يقترن طبيعياً بالحديث عن الآباء المؤسسين، أصحاب الفكرة ورعاة البذرة الأوائل، المغفور لهما بإذنه تعالى: الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والحديث هنا يعني الوقوف على إرث القيادة ومبادئ التأسيس، وأوليات التنمية والتغيير، وطرق إدارة الدولة والناس.

كما يعني الرؤية التي امتلكاها والأحلام التي سكنتهما والآمال التي عقداها على هذه الدولة! رجلان حكيمان، خرجا من عمق الصحراء، بإمكانيات متواضعة، وبإرث قبلي وتاريخ لا يستهان به، وبنسبة صفر موارد وتعليم وصفر تنمية، في ظل تقاليد في الحكم والإدارة والسياسة كانت وليدة تلك المرحلة، ومع كل هذه التحديات الأشبه بالجبال، تمكن زايد وراشد بالحكمة والإرادة الحقيقية وميراث القبيلة في إدارة البشر والموارد.

من الانطلاق والبناء وتحقيق ما يشبه المعجزة، فأرسيا أسس دولة وحدوية عصرية من صفر الواقع ذلك، قوامها الاهتمام بالإنسان، والاستثمار فيه وفي التعليم وتقنيات المستقبل، بحيث يكون الغد هو الميزان والدلالة والبوصلة، وعدم الوقوف طويلاً أمام المشاكل والكوارث والإحباطات.

ولأن دورهما عظيم وفاصل في تاريخ الدولة، فإن القيادات التي تسلمت الدفة منهما لم تحد عن الطريق الذي رسماه، ولا فصلت تاريخ الإمارات عن بصماتهما الواضحة في كل جوانب الحياة السياسية، والاقتصادية والاجتماعية.

فمن خلال رؤيتهما وحرصهما وحكمتهما، استطاعا تحويل الإمارات من مجموعة مدن صغيرة متفرقة إلى دولة اتحادية موحدة، تصنف اليوم كواحدة من أقوى الاقتصادات في العالم، ومن أكثر الدول حضوراً على جداول التنمية والحوكمة وتطور التعليم ورفاهية الفرد واستخدام التقنية. كان الشيخ زايد يؤمن بأن الثروة النفطية يجب أن تُستثمر في بناء الإنسان والبنية التحتية.

لذلك ركز على التنمية الاقتصادية، وأما التنمية في عقلية الحكيم راشد فكانت ترتكز على ثلاثة أسس أطلقت دبي مدينة عالمية في فضاء العالم: التجارة والمواصلات والسياحة، وبكل هذه الأسس القوية انطلقت الإمارات دولة قوية منذ يوم ولادتها الأولى.