الجرائم الإلكترونية التي تنتهك الحياة الخاصة للنساء، وما ينتج عنها من آثار مدمرة على حياة هؤلاء النساء، ودور المجتمع في ذلك، من القضايا المهمة التي تحظى باهتمام الدراما الإسبانية، في ظل تزايد مستوى الحريات الفردية جنباً إلى جنب مع تزايد تغلغل التكنولوجيا في حياة الأفراد، وما أنتجته هذه التكنولوجيا من أدوات متطورة استخدمت للتلصص على حياة الآخرين بصورة غير مشروعة لغايات مختلفة.

وعلى الرغم من اعتراف العالم بدور التكنولوجيا وأهميتها، وتطور الأدوار السياسية والاجتماعية للمرأة، فإن ذلك لم يمنع من مخاطر حقيقية، تمكنت تقنيات التواصل الاجتماعي فيها من إلحاق الدمار بحياة النساء اللاتي تعرضن لانتهاك الخصوصية والأسرار الشخصية نتيجة صراعات وطموحات سياسية وعلاقات عاطفية واجتماعية، وغير ذلك!

تبدو الظاهرة معقدة جداً، وذات أبعاد مختلفة، كما أنها تحتاج لقدر عالٍ من الحرية والاحترافية عند التصدي لها وتحويلها إلى أعمال درامية، حيث نحتاج لكتّاب دراما على مستوى عالٍ من المهنية والثقافة والوعي والاطلاع، فهذه قضايا يتداخل فيها الخاص بالعام، والسياسي بالاجتماعي، وقضايا المرأة بالقوانين والتشريعات، والطموح بالتواطؤ؛ ما يجعل أمر تفكيك الظاهرة ومعالجتها بعمق وصراحة تامة ليس سهلاً، وليس ممكناً دون سقف عالٍ من الحرية وكتّاب مهنيين جداً، وهذا ما يتوافر للدراما الإسبانية.

هناك أكثر من مسلسل إسباني في الفترة الأخيرة ناقش قصصاً عديدة وبالتوازي لنساء تعرضن لجرائم إلكترونية، مثل الابتزاز الإلكتروني، والتحرش عبر الإنترنت، والتشهير، والمراقبة غير المشروعة، وتسريب صور أو مقاطع مصورة، واجهن بسببها أشكالاً متعددة من العنف الذي دمر حياتهن الشخصية والعائلية.

وقاد بعضهن للانتحار للأسف، ففي كثير من الحالات يبدأ الأمر بكشف معلومات شخصية أو صور خاصة جداً، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إما عن طريق اختراق حساباتهن، أو بسبب تصرفات غير مسؤولة أو مفاجئة من الأفراد المحيطين بهن، وفي هذه الظروف تجد المرأة نفسها عالقة بين مطرقة الانتهاك وعقوبات المجتمع، الذي غالباً ما يلوم الضحية بدلاً من المجرم، وهنا تجد الكثيرات أنفسهن حائرات بين القبول والسكوت تجنباً للفضيحة أو التقدم بشكوى، وهذا يعني تدميراً حقيقياً لسمعة العائلة!