قرأت خبراً خلاصته أن إحدى الدراسات العلمية قد كشفت عن أن الضحك يقدم فوائد صحية كثيرة لكبار السن، فهو يحسن الصحة الجسدية والنفسية، ويعزز العلاقات الاجتماعية، ويسهم في تعزيز المناعة، ويحسن وظائف الجسم، ويخفف من الآلام المزمنة..

والحقيقة إن الضحك يقوم بذلك كله مع الكبار والشباب معاً، وهو من المسلمات التي لا تحتاج إلى دراسات لكثرة ما أشبعت تأكيداً ولأننا نسمع بفوائد الضحك منذ تفتح وعينا على الحياة، مع ذلك فلا بأس من زيادة التأكيد.

ولقد تناول الأدب الضحك بطريقته، كمرادف له دلالاته السياسية والفلسفية، كما في رواية ميلان كونديرا (الضحك والنسيان)، حيث يظهر الضحك والنسيان مترادفين معاً في معركة الإنسان مع التاريخ، السلطة، والوجود.

الضحك، بما يحمله من سخرية وتفكك، يترافق مع النسيان كوسيلة للهروب من الظروف القاسية والتحديات التي يفرضها الواقع، بينما يبقى الفرد في صراع داخلي بين الحفاظ على ذاكرته الشخصية والتاريخية وبين محاولة العيش في عالم مليء باللايقين.

ومن هنا تمتلئ الأدبيات الاجتماعية التي تتحدث عن طبيعة الشعوب في تعاملها مع ظروفها السياسية القاهرة والقمعية بالكثير من الإشارات إلى دور الضحك والسخرية كطريق ووسيلة للمقاومة وتخطي الظروف والتغلب على صعوبات الحياة، لنتذكر كتاب الصحفي المصري (عادل حمودة) عن دور الضحك والسخرية في حياة المصريين، (المقاومة بالنكتة وكيف يسخر المصريون من حكامهم) على سبيل المثال!

رواية (الضحك والنسيان لميلان كونديرا) من أشهر الأعمال الأدبية التي تناولت هذا المفهوم، الذي يظهر في الرواية كرمز للتمرد ضد السلطة والسيطرة، وكذلك وسيلة للتعبير عن الغرابة والعبثية في الحياة البشرية.

لكن الضحك ليس دائماً تجربة مفرحة، إذ قد يكون دليلاً على الاغتراب، وفي بعض الأحيان يصبح وسيلة للهروب من مواجهة الحقائق المرة أو للتحايل على الواقع المؤلم. الضحك هنا قد يشير إلى تدهور القيم الإنسانية أو السخرية من النفس والظروف.

ففي ظل الأنظمة السياسية القمعية، مثل الشيوعية في تشيكوسلوفاكيا خلال فترة السبعينات، وهي المرحلة التي يتحدث عنها كونديرا، يعكس الضحك نوعاً من السخرية من الواقع. ليس الضحك هنا فرحاً، بل هو وسيلة للهروب من قسوة النظام الذي يحاول فرض سيطرته على الفرد. الضحك في هذا السياق يصبح شكلاً من أشكال التمرد غير المباشر على السلطة.