تواجه فكرة اقتباس المسلسلات الدرامية والأفلام الأوروبية والمكسيكية وحتى التركية وتحويلها إلى نسخ عربية تحديات واعتراضات ثقافية مختلفة وفي محلها في الحقيقة وليست مجرد اعتراضات بلا مبرر! ففي العقدين الأخيرين، شهدت الساحة الدرامية العربية إقبالاً ملحوظاً على اقتباس أعمال تلفزيونية غربية ولاتينية عديدة وتحويلها إلى نسخ عربية.

هذه الظاهرة إضافة إلى أنها تكشف عن عجز وندرة في إنتاج نصوص عربية تلبي احتياجات الإنتاج الدرامي العربي، وتتفق وطبيعة مجتمعاتنا وتسلط الضوء على خصوصية مشاكلنا، وهذه قضية تحتاج إلى نقاش حاد بالفعل.

لقد تزايدت ظاهرة الاقتباس بشكل خاص بعد النجاح الكبير الذي حققته بعض الأعمال الأجنبية (كالمسلسل المكسيكي: من قتل سارة؟) عندما عرض على إحدى المنصات، مما دفع شركات الإنتاج إلى تبني فكرة الاقتباس كأداة لجذب الجمهور.

لكن، بالرغم من النجاح التجاري الذي يمكن أن تحققه هذه الأعمال، فإن هذا الاقتباس يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالاختلافات الثقافية بين الحضارات، بالرغم من تناقص هذه الفجوة بسبب سياسات العولمة! فعند اقتباس مسلسلات غربية أو إسبانية وتحويلها إلى مسلسلات عربية، يواجه المنتجون مسألة بالغة الأهمية: الاختلاف الثقافي بين المجتمعات.

ففي الأعمال الأوروبية مثلاً، التي غالباً ما تتسم بالعلاقات الإنسانية المتحررة والمثيرة للجدل، يمكن أن يكون هناك تسامح كبير تجاه بعض السلوكيات أو القيم التي قد تكون غير مقبولة أو صادمة في المجتمعات العربية.

مثال على ذلك، يمكن أن تتضمن بعض المسلسلات المكسيكية أو الإيطالية علاقات عاطفية غير تقليدية أو تصرفات تميل إلى التشجيع على العلاقات المرفوضة عندنا دينياً واجتماعياً، هذه الاختلافات الثقافية تتناقض بشكل صارخ مع القيم الأسرية وقيم المحافظة والعادات الاجتماعية في العالم العربي، حيث تُعتبر الأسرة الوحدة الأساسية والمقدسة، ويُشدد على العلاقات القائمة على الاحترام المتبادل بين الأجيال، بينما تجد في المسلسل طريقة فجة في التعامل مع الأب أو الأم أو بين الزوجين!

إن التقاليد الدينية والعائلية من أهم العوامل التي تشكل تحدياً كبيراً أمام الاقتباس من الأعمال الغربية أو المكسيكية في العالم العربي وهو ما ظهر في رفض أعداد كبيرة من الجمهور فيلم «أصدقاء ولا أعز» المقتبس من فيلم إيطالي تحت عنوان «غرباء مثاليون» لما فيه من تشجيع على فكرة الخيانة أو تقبلها!