تعتبر مقولة «السلطة المطلقة تُخرج أسوأ ما في النفس البشرية» واحدة من أكثر القواعد المتفق عليها بين علماء النفس وفي مرجعيات هذا العلم، هذه القاعدة لا تختلف عما قاله عالم الاجتماع العربي الشهير ابن خلدون من أن (السلطة المطلقة مفسدة مطلقة).
وأن نظرة فاحصة للتاريخ وللواقع وتاريخ الدول تقدم لنا الدليل تلو الدليل على أن الذين مارسوا سلطات مطلقة على شعوبهم انتهوا نهايات كارثية سواء هم أو بلدانهم بسبب سياسة عدم المساءلة والسلطة المطلقة! قاعدة السلطة المطلقة أرساها اللورد أكتون ( الذي كان سياسياً وباحثاً ومؤرخاً إنجليزياً معروفاً عاش في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين)، حيث كتب: (إن السلطة تميل إلى الفساد، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة.
والرجال العظماء هم في أغلب الأحيان رجال سيئون، حتى عندما يمارسون النفوذ وليس السلطة؛ ويزداد الأمر سوءًا عندما يضاف إلى ذلك ميلهم إلى الفساد بسبب السلطة).
لكن ماذا عن تجربة جامعة ستانفورد الأمريكية؟
هي تجربة تنسب لجامعة ستانفورد الشهيرة، وتعد واحدة من أغرب التجارب في التاريخ التي أثارت جدلاً كبيراً في الأوساط العلمية عندما قام عالم النفس الأمريكي «فيليب زيمباردو» بتجربة هيأ لها كل الظروف المطابقة للواقع، فقسم مجموعة من الطلبة لمجموعتين، مجموعة لعبت دور مساجين والأخرى سجّانين، في سرداب جامعة ستانفورد الذي تم تهيئته ليبدو كسجن حقيقي.
ولإحكام الحبكة طلب الاستاذ أن يؤخذ الطلبة «المساجين» من بيوتهم مقيّدين بالأصفاد، على يد الطلاب الذين لعبوا دور السجانين وقد ارتدوا زي ضباط شرطة، وكانت القاعدة الوحيدة في اللعبة هي: لا قواعد! وعلى السجانين اتخاذ كل التدابير اللازمة كما يحلو لهم، دون أي مساءلة من أي نوع! لقد كانت النتيجة كارثية أثارت جدلاً أخلاقياً واسعاً في الأوساط العلمية.
فقد راقب الأستاذ بقلق التحول المخيف الذي حدث للطلاب (السجانين) الذين شعروا ألا مساءلة لهم مهما فعلوا، حيث فوجئ وهو يراقبهم عبر الشاشات أنهم أصبحوا يتعاملون بعنف لدرجة تعذيب زملائهم، رغم أنهم عرفوا بتهذيبهم وتفوقهم الدراسي الذي جعلهم يلتحقون بهذه الجامعة العريقة، فأوقف التجربة فوراً، مستنتجاً أن السلطة المطلقة التي منحت للطلاب قد أخرجت أسوأ ما في نفوسهم!