سُئل عباس محمود العقاد عن رأيه في الكتب والكتابات التافهة، فقال: «ليس هناك كتاب أقرأه ولا أستفيد منه شيئاً جديداً، فحتى الكتاب التافه أستفيد من قراءته أني تعلّمت شيئاً جديداً هو: ما التفاهة؟ وكيف يكتب الكتاب التافهون؟ وفيم يفكرون؟»، إذن فهناك كتب تافهة، وأفلام، وموسيقى وأغنيات، ومقالات وصحافة، وفي هذه تحديداً هناك ما هو أسوأ، هناك الصحافة الصفراء والفضائحية والرخيصة، ومع ذلك فهناك من يرفض هذا التصنيف، معتبراً أن كل نتاج هو في حقيقته جهد بشري مقدر لا يصح وصمه بوصف سلبي.

في الكتابة التافهة، هناك الكثير مما يمكن أن نختلف حوله، لكن ما لا يمكن قبوله هو عدم تسمية الأشياء بمسمياتها، فحين ترفع كتاباً من هذه النوعية في وجه ناشر ما، وتجاهره بقولك: كيف تسمح لنفسك بترويج هذه النوعية التافهة من الكتب؟

تجد لديه من الجرأة ما يجعله يبتسم قائلاً: إنها بضاعة لها مريدوها، أنت تراها تافهة وغيرك لا يراها كذلك، فتصرّ على أنها تافهة، فيصرّ على أن اختلاف الأذواق نوع من الديمقراطية علينا أن نتعلمه ونعتاده، تسأله: ديمقراطية التفاهة؟ يجيبك: بل ديمقراطية الكتابة والقراءة والاختيار.

وماذا عن مسؤولية الناشر عن الذوق العام، عن نشر المعرفة الحقيقية، عن الارتقاء بالوعي؟ يقول لك: هذه مسؤولية كل فرد على حدة، وليست مسؤولية الناشر، على الناشر أن يضع كل شيء على الرف ويجعله في متناول الجميع.

تسأله: إذن لا فرق بينك وبين صاحب البقالة؟ يقول: طالما أنني دخلت السوق لأبيع، فالكتب بضاعة، والبضاعة لا بدّ أن تخضع لمنطق السوق وقوانين اللعبة: لعبة العرض والطلب.

في الحقيقة هناك مسؤولية حتمية علينا الإقرار بها، سواء على الكاتب أو الناشر ومسؤولي الثقافة، ليس بالمصادرة ولا القمع والمنع بالتأكيد، ولكن بالنقد والنقاش والقراءة الواعية لكل النتاجات الضعيفة التي تجتاح (سوق الكتاب العربي) بعيداً عن مهرجانات المجاملة.