نتعامل خلال يومنا وحياتنا مع أفكار واعتقادات وعادات وخرافات وقصص وأشخاص ومعانٍ وأفعال كبرى لا نهائية، فنحن نؤمن ونضحك، ونتعلم ونسافر، نحب ونصادق، ونحلم ونسعى لتفكيك أسرار المجهول، وتفسير الأحلام، نتشاءم ونخاف، نفعل كل هذا وأكثر، فالحياة فعل مضارع ممتد بتنويعات وتجليات لا نهائية، فقد ينتهي قاموس اللغة ولا تنتهي أفعال الحياة، ذلك أن الحياة هي التي أوجدت اللغة، ثم إن اللغة قد جملت الحياة وثبتتها.

ولكل فعل من هذه الأفعال تاريخ كامل من الأفكار والأقوال والأمثال والسرديات العظيمة، كالحب مثلاً: هل يمكن لأحدنا أن يحيط علماً أو يتخيل مقدار ما قيل وما كتب وما له ارتباط بالحب؟ تأملوا في تاريخ العشاق والحبيبات وقصص الحب والقصائد والأغنيات والخيبات والأمثال والروايات والمسرحيات، والطريقة التي تم بها النظر للحب والطريقة التي تم التعامل بها مع وجوده ومعناه في كل الحضارات والأمم والشعوب.

هناك من قدسه ومن احتقره ومن اعتبره إثماً ومن رآه قضية إنسانية، ومن استغله ومن قتل باسمه، ومن استفاد منه وحوله لمزارات وتذكارات، ومن خلده في المتاحف والأفلام والمسرحيات والكتب والسيمفونيات. وحده الأدب ووحدهم الأدباء الكبار والفنانون من وضعوا الحب على مسارات عظيمة ليكون ضوءاً في نهاية النفق، وفضيلة ومعنى يفتح أمام الإنسان بوابات أكبر للتسامي والمعرفة والأمل.

اليوم وأنت تمرر أصابعك على أرفف الكتب في مكتبتك الصغيرة أو في المكتبات الكبرى، لا شك أن يدك تتوقف فجأة لتلتقط كتاباً أو عدة كتب يكون الحب ثيمتها الأساسية، ولا شك أن أعظم الكتب والأسفار التي اطلعت عليها وثبتت في وجدان البشرية كانت تلك الروايات والحكايات التي عالجت موضوع الحب: الحب في زمن الكوليرا، والحب في المنفى، والحب والظلال، روميو وجولييت، قصة حب، قواعد العشق، الحب فوق هضبة الهرم، الحب الضائع، وذهب مع الريح، وألف ليلة وليلة.. ومن الروايات للقصائد والشعراء وأفلام السينما.. يطل الحب نصاً مفتوحاً على كل الجهات كما الحياة.