الهدايا مثل الرسائل تماماً، من حيث رومانسية حضورها في الذاكرة الفردية والجماعية، ولو أننا تتبعنا بداياتها، لوجدنا أن الهدية تاريخ له أهميته في حياة الكثيرين، فلنتذكر معاً متى تلقينا أول هدية في حياتنا؟ ومتى قدمنا هديتنا الأولى لشخص بعينه، وما زلنا نتذكره، ونتذكر تلك الهدية؟.
سألت صديقاً لي، فتذكر هديته الأولى سريعاً، قال: كانت دراجة صغيرة، والغريب أنني سألت صديقة، فقالت: كانت أول هدية تلقيتها دراجة صغيرة، قدمها لي جار لنا، كان تاجراً يستورد البضائع في تلك السنوات من ليبيا، يومها سمعت لأول مرة مصطلح (هدية)، واعتقدت بذهنية طفلة لما تذهب للمدرسة، أن (هدية) هو الاسم الآخر للدراجة، (هدية) لكثرة ما حصل من جدل بين رفض والدي، وإصرار الجار على أنها ليست سوى هدية بسيطة للصغيرة.
أتذكر أن أول هدية أهديتها في حياتي، كانت لمعلمة اللغة العربية، بمناسبة عيد الأم، وكنت يومها طفلة في الصف الثاني الابتدائي، وقد كان شراء تلك الهدية، تجربة مثيرة فعلاً. في طفولتنا، كانت الهدايا ترتبط بالقادمين من السفر، فيجلب العائد لزوجته أو أبنائه هدايا مميزة، يظلون زمناً يتباهون بها أمام الآخرين، كما عرفنا هدايا الحجاج، التي كنا نسميها (صوغات الحج)، وبالنسبة لجيلنا، فكلنا تلقينا تلك الهدايا في تلك الأيام، في ما بعد، سمعت جدتي ووالدتي عندما تذكر الهدايا، يستحضرون المثل الشعبي (أنا غنية وأحب الهدية)، ولاحقاً صار الاستدلال على قيمة الهدية دينياً (تهادوا تحابوا).
وبالنسبة لأول من اخترع الهدية، فالمتداول أنهم الفراعنة، حيث ينظر للأهرامات كهدايا قدمها الفرعون لنفسه، ليضمن خلوده الشخصي، أما أول من ابتكر فكرة لف الهدية بالورق وربطها لتزيينها، فكانت، كما تذكر كتب التاريخ، الملكة بلقيس، التي قدمت هدية ملفوفة للنبي سليمان عليه السلام.
أثمن الهدايا، جزيرة يونانية أهداها الملياردير أوناسيس لزوجته جاكلين، التي تزوجها الرئيس الأمريكي جون كنيدي، أما أجمل الهدايا، فهي تلك الحدائق التي داعبت مخيلة البشرية، وبقيت متوارية تحت حجب التاريخ: «حدائق بابل المعلقة»، التي أهداها الملك البابلي نبوخذ نصر، لزوجته الملكة أميديا.