لا يمكن أن يبقى العالم على ما هو عليه بعد كل ما ارتكب في حق الأبرياء المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن هذا العالم سيحتاج إلى سنوات وسنوات كي ينسى مشاهد الأطفال والنساء وهم يموتون يومياً بلا أدنى حماية، لكن هذا العالم في النهاية سيمضي قدماً للأمام، وسيتوقف حتماً ليبحث عن طريق جديد يمنع تكرار المأساة، وليبحث عن آليات ردع فاعلة وأكثر قوة وهيمنة وصلابة مما هو موجود حالياً، فحماية المدنيين واجب لا يمكن أن تتخلى عنه المنظمات والحكومات!
إننا نتساءل يومياً: ماذا عن حياة الأطفال والمرضى وطلاب المدارس؟ فمن غير الإنساني ولا المقبول بحسب كل الشرائع والقوانين الدينية والإنسانية والدولية أن يترك هؤلاء هكذا في العراء تحصدهم آلات الموت بلا هوادة وبلا توقف، دون أن يكون لأي طرف، القدرة أو القوة أو الحق في إنقاذهم أو حمايتهم، فهذا أكثر من قدرة الضمير الإنساني على احتماله واحتمال نتائجه ومآلاته ومسؤولياته!
لقد وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها بعد 4 أعوام من إبادات حقيقية وقتل يومي في كل شبر من القارة الأوروبية، لكن العالم لم يرتدع وعاد ثانية ليقتتل ويدمر بلا هوادة وبلا ضوابط وبلا قدرة على التوقف، ثم اجتمع وقرر كما فعل سابقاً، بأنه لا بدّ من السلام وحماية الحياة من جنون الحروب، فكانت المنظمات والأجهزة والقوانين الرادعة والمحاكم الدولية وشرائع الحقوق الإنسانية، فهل توقفت الحروب؟ لم يحدث ذلك أبداً، وربما لن يحدث طالما لم تتوافر إرادة السلام الحقيقية المبنية على الحياد والتوازن واحترام حق الحياة!
إن ما حدث سابقاً وما يحدث في غزة حرب إبادة باعتراف العالم أجمع، وإن قوافل الأبرياء الذين حلقت أرواحهم إلى السماء لتصرخ بالضمير الإنساني صباح مساء، أن يراجع نفسه، وأن يفعل شيئاً حقيقياً قادراً على منع آلة الموت من الانطلاق ثانية بكل هذا الجنون، بعيداً عن الانحيازات والمصالح الواضحة ومناصرة جانب على حساب جانب آخر، فهذا الانحياز هو من يتحمل كل مآلات ما جرى على أرض غزة!