يقول البعض إذا سألته عن أخباره، الحمد لله، كل شيء على ما يرام، مع أنك لو حاولت أن تكون متطفلاً بعض الشيء لعلمت أن أموره ليست على ما يرام أبداً، لكنه الرضا بما كتبه الله، وعدم الشكوى، إن الرضا الناجم من شعورنا بالقناعة بما لدينا هو السبب في السعادة التي نلمحها في عيون وكلمات البعض، والتي لا يدركها الأشخاص الذين لا يكفون عن النظر إلى ما بين أيدي الآخرين!
لذلك فحين تسأل إنساناً يهمك أمره عن أخباره فأنت في الحقيقة لا تتجسس عليه، بقدر ما تود أن تطمئن إلى أن مسار حياته لا يدعو للقلق، لذلك إذا أجابك أن لا أخبار لدي فلا تُلح في السؤال، واتبع حكمة القول الإنجليزي «عدم وجود أخبار، بحد ذاته، خبر جيد» لأن أقصى أمنياتنا اليوم أن نكون بعيدين عن مرمى الأخبار، وقريبين جداً من كل شيء يدخل السعادة إلى قلوبنا مهما كان بسيطاً وصغيراً، فإذا لم توجد بالفعل نسعى إليها بأن نفكر فيها أو نتخيلها، ألا يقولون إن إمعان التفكير في شيء يجلبه أو يقرب حدوثه؟
تقول صديقة: أفكر دائماً في الأشياء التي تسعدني، مثل: الكريم كراميل، رائحة الخوخ في صابون الاستحمام، بطاقات البريد القديمة التي كان الأصدقاء يرسلونها كتذكارات من البلدان التي يزورونها، لمسة القطط وصوت خرخراتها حين تغرق في النوم بمنتهى الراحة، ملامسة الألوان المختلفة على الورق، رائحة الفل، النقوش والرسمات التي تزين بيجامات النوم، نوافذ الخشب نصف المغلقة، الجيلي بطعم الكرز، أقلام الرصاص الثقيلة.
أحياناً، إن التفكير في الأمور التي تسعدنا يجلب لنا السعادة دون أن ننتبه أو حتى نبذل جهداً واسعاً، ذلك أفضل من صرف جهدنا ومشاعرنا للانشغال في الأمور المحزنة أو المزعجة! كصديقتي التي تعيش في القاهرة، وتفكر دوماً في آيسكريم الفراولة، الذي أكلناه سوياً في محل الآيسكريم هنا في دبي، وكجارتي التي تقول لي دائماً إن أكثر ذكرى تسعدها هي عندما كانت تأكل «خبز الرقاق مع الطماطم» في ظهيرات رمضان وهي طفلة في غفلة من أمها!