في العلاقات مع البشر ومع الأماكن ومع المدن، هناك إعجاب، وهنالك حب، ما نعجب به عادة يكون لافتاً وفاتناً ومثيراً؛ لذلك فالإعجاب عاطفة مبررة، تبدي إعجابك بشخص أو مكان أو مدينة ثم تعدد أسباب هذا الإعجاب، أما في الحب فيحدث أن تحب ما ليس فاتناً ولا جميلاً ولا لافتاً إلا من وجهة نظرك أنت فقط، وقد يكون مَن وما تحبه فاتناً بشكل لا يصدق أيضاً، ويحدث ببساطة أن تحب دون أن يكون لديك إجابة حول السبب. الحب عاطفة غير مبررة وغير منطقية؛ لأنها عاطفة مباغتة، فردية وخاصة جداً، ولا تطلب من صاحبها أن يقدم أسباباً.

هذا هو السبب الذي يجعلنا نقول مطمئنين إلى حد كبير إن الحب شعور انفعالي لا منطق له ولا يتعامل مع الأشياء والأشخاص بتعقُّل، كما أنه لا يبرر نفسه، أما الإعجاب فيعقل كل شاردة وواردة، وغالباً ما يطلب منك أن تقدم حججاً لإعجابك بشخص أو مدينة أو مكان ما أو أي شيء آخر، فتقول: أنا معجب بمدينة (كذا) للأسباب التالية: أولاً وثانياً وثالثاً. مع الحب لا مبررات، حتى وإن أقنعت نفسك أن هناك مبررات من أي نوع.

عند حدوث الحب، لا يمكنك تغيير منحى عاطفتك ولا تخفيف اندفاعك تجاهها؛ لأنك في الحب لا تستطيع أن تتخطى الشخص أو اللحظة أو تتجاوزهما، فيظل الإنسان عالقاً في الزمن لا يستطيع تجاوزه لما بعده، يشبه في ذلك رواد الفضاء الذين يفقدون إحساسهم بالزمن بمجرد خروجهم من نطاق الجاذبية وقوانين الفيزياء، فيظلون يدورون في مدارات لا نهائية لحين عودتهم إلى الأرض.

بعكس الإعجاب الذي غالباً ما يوصف بالإحساس الأنيق الذي يبدأ بكثير من اللباقة والاحترام الذي قد ينتهي إلى الحب، وقد يتغير تماماً ويصير أشبه بفقاعة تلاشت في الهواء. وكما أن الإعجاب شعور قابل للتغير، فهو كذلك قابل للتخطي والتجاوز، كما أن العلاقة مع الشخص أو الشيء محط الإعجاب ممكن أن تقف عند نقطة، وممكن أن تتطور، بينما الحب لا يتراجع ولا يتطور، إنه يبدأ من نقطة النهاية غالباً.