لبنان بلد عربي شقيق، مر خلال تاريخه المعاصر بالكثير من الأزمات والحروب، قدر هذا البلد في مميزاته، في جماله وتحضره منذ القدم، وقدره لاحقاً في ديمقراطيته التي غايرت، حدّ النقيض، الأنظمة الإقليمية التي تحيط به، وقدره في أنه جاور نظاماً استعمارياً عنصرياً، يقوم وجوده على محو الآخر واجتثاثه، فكان المكان الذي تجمّع فيه الفرقاء كلهم، المتحاربون والمتنافسون والأعداء والأصدقاء، فدفع ثمن صراع أصبح لا محالة جزءاً منه، ثم كانت الطائفية القدر البائس الذي كان رأس كل البلاءات!

خاض حرباً أهلية، لم تبقِ ولم تذر، وما كاد ينهض كطائر الفينيق من رمادها، بمعاهدة الطائف عام 1990، وما كاد ينتعش وتجلجل في سمائه مجدداً أصوات البناء والعمران، و(راجع يتعمر راجع لبنان)، حتى كانت قاصمة الظهر، باغتيال رفيق الحريري عام 2004، وما تلاه من اغتيالات، طالت كتاباً وسياسيين وبرلمانيين ورموزاً وطنية، لينكسر المشروع من جديد، ممهداً لحرب جائرة، شنتها إسرائيل عليه في صيف 2006.

في كل هذه المراحل، كانت الإمارات على ضفة الخليج، تخوض مشروعها النبيل، المعروف بالمشروع الإماراتي لدعم وإعمار لبنان، في عهد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ما بين 2002 وحتى 2004، بإزالة الألغام والقنابل من أرض الجنوب اللبناني، والتي خلّفها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليستكمل في عهد المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، أثناء وبعد حرب 2006، كجهود متوالية ومتصلة لذلك المشروع الكبير زمن الشيخ زايد، وذلك لدعم اللبنانيين لرفع آثار العدوان، وإعادة إعمار لبنان الحر، للإسراع في تخليص الجنوب اللبناني من القنابل العنقودية، والألغام التي لم يتم إزالتها، وتعمير القرى الحدودية التي طالها الدمار الإسرائيلي.

اليوم، وبينما يخوض لبنان محنة كبرى، يواجه خلالها بطش إسرائيل وعدوانها مجدداً، فإن موقف الإمارات الثابت، وعطاءها المتواصل، يستمر في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، كما في عهد أسلافه، متواصلاً ومتدفقاً، وفاء بالوعد، واستمراراً على النهج الذي لا يتغير ولا يتبدل، هذه هي الإمارات التي يجاهرونها بالعداء والشتائم، لكننا نقول، كما دائماً قدر العظماء العطاء، وقدر السفهاء الشتائم!