ما تأثيرات استخدام الذكاء الاصطناعي في الإبداع وفي دور المبدع؟ هل تشكل البرمجيات الذكية والروبوتات خطورة ما من أي نوع، على نوعية ومستوى الإبداع المنتج، أم أن إثارة هذه القضية اليوم، هي من قبيل المخاوف المُبالَغ فيها؟ ثم ألا يفترض السؤال حول المخاطر والتأثيرات، أن الأحوال والبشر والذائقة ستبقى على ما هي عليه خلال العقود المقبلة، وإلى الأبد؟ فهل ستبقى التحديات ومستوى تذوق الإبداع كما هو فعلاً؟ ألن يطرأ أي تغيير أو تبدل في المعايير والرؤى؟.

لنرَ إلى واحدة من أكبر صالات المزادات في العالم، دار «سوذبيز» في لندن، التي تعرض وعرضت فيها آلاف الأعمال الفنية العظيمة، وفق معايير ومواصفات عالية ودقيقة، وبعد فحص دقيق، هذه القاعة أعلنت مؤخراً، أنها ستعرض عملاً فنياً من إنتاج روبوت بتقنية الذكاء الاصطناعي، وهو رسم لعالم الرياضيات الإنجليزي آلان تورينغ، عبر مزاد إلكتروني، وقد أعلن أن قيمة هذه اللوحة ستعرض عند سعر يتراوح بين (130 ألف دولار إلى 195 ألفاً)، هذه واحدة من تجليات توغل التقنية في عمق عالم الإبداع، وترويجه ونشره والمتاجرة به!

ألا يفترض هنا أن يمتنع هواة الفن العريق وجامعو التحف عن شراء هذه القطعة الفنية؟ على اعتبار الفن إنتاجاً إبداعياً بشرياً، فماذا ونحن نشتري لوحة رسمها روبوت؟ ماذا نتذوق فيها؟ من نشجع من خلالها؟ ماذا تؤرخ هذه اللوحة؟ وإلى أي مدرسة فنية تنتمي، أو ستنتمي لاحقاً؟ وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فماذا عن اللوحات التي رسمتها حيوانات أو طيور، أو رسمت بطريق اللعب بالأصباغ، أو.. كل هذه الأعمال عرضت وبيعت، وبأسعار خيالية!

ماذا يقول كل ذلك، وإلى أي شيء يشير؟ إن الحياة لا تتوقف عند نقطة معينة، ولا ثبات للبشرية على شيء، إنها تمضي قدماً للأمام، أعجبنا ذلك أم لم يعجبنا، وفي أثناء ذلك، تتبدل المعايير والمواصفات والبشر، ونظرتهم لكل شيء، لذلك سيأتي بشر ربما يجدون في ما ينتجه الروبوت إبداعاً لا يضاهيه إبداع.. ألا تقول لكل زمان دولة ورجال؟ فلماذا لا يكون لكل زمان إبداع وتقنيات كذلك؟.