المؤثرون أو (الإنفلونسر) بلغة أهل هذا الميدان، سُمُّوا بذلك نظراً لقدرتهم على الوصول لأكبر عدد ممكن من الجماهير وببساطة ومن خلال رسائل قصيرة جداً بلغة سريعة التأثير، لكن هل هذا الجيش الكبير من المؤثرين يقدمون رسائل إعلامية ذات تأثير محمود وإيجابي بالفعل؟ تأثير يخدم وينفع؟ تأثير له مردود جيد وعميق وطويل الأمد على الذائقة والتوجهات؟ باختصار هل هو تأثير وطني؟

في الحقيقة فإن المؤثرين الذين يحظون بالتقدير الحقيقي والمتابعة الناتجة عن الاهتمام بالرسائل القيّمة والإيجابية التي يبثونها باستمرار عبر وسائل التواصل، ليسوا بذاك العدد الهائل كما قد يتصور البعض، كثير من هؤلاء المؤثرين الذين يملؤون السوشال ميديا بأصواتهم وصورهم ومقاطع الفيديو التي يبثونها سرعان ما يتحولون إلى مادة خصبة للانتقاد والسخرية والتهكم!

قد يتساءل البعض: لكن هناك ملايين من الناس تتابعهم، هذا صحيح، لكن علينا أن نطرح سؤالاً حول حقيقة المتابعة، فليس كل ما نتابعه يعني أنه يمثل توافقاً مع قناعاتنا أو أنه يحظى باحترامنا، نحن نتابع الكثير من المواد والمقاطع الساخرة وأحياناً التافهة لتمضية الوقت وكسر الرتابة والضحك والسخرية ومن باب الفضول أو بسبب توصيات الأصدقاء أو قد نشاهد من باب الصدفة أو.. هناك عشرات الأسباب للمتابعة، ولكن لا يعني ذلك أنها جميعها متابعة قائمة على الاهتمام والإعجاب والاقتناع والتأثر!

علينا أن نتحرر من وهم الملايين المسجلة في خانة المتابعين، هناك أعداد تصل لمئات الآلاف تم شراؤهم بالمال عبر شركات وأسماء مهمتها بيع المتابعين كتجارة لا أكثر، تجارة تصب ضمن عالم الوهم الكبير الذي تصنعه السوشال ميديا وتخلق عبره هذه الفقاعات الممتلئة بالنرجسية والإعجاب الفارغ بالذات والثرثرة التافهة عبر ساعات اليوم حول أمور ليست سوى محض تفاهة!

إن هذه الأسماء والصور للحسابات المزيفة غير الحقيقية ممن يدرجها عدد هائل ممن يحسبون أنفسهم (مؤثرين) لهي من الأمور المخجلة التي يقع فيها الكثير من الناس الذين يحسبون أنه من باب المكانة والوجاهة أن يكون متابعوهم بالآلاف حتى وإن كانت آلافاً وهمية فهم أفضل من العشرات الحقيقية، لأنهم يستخدمونها كمعبر للعلاقات والتجارة والإعلانات! وهم على وهم لكن من يعتبر ومن يدقق!