العنف كلمة مبسطة ولطيفة جداً لما يدور في غزة منذ أكثر من عام، والعنف ليس المسمى الدقيق لما يمارسه جيش الاحتلال الإسرائيلي على أرض لبنان وسوريا، وأي أرض عربية تحت ذريعة الدفاع عن النفس أو أية ذرائع أخرى غير صحيحة أبداً، إذن لنكن صرحاء أو منهجيين على الأقل أو موضوعيين، ولنسمِ الأشياء بمسمياتها، ما يحدث هناك هو حرب غير إنسانية، وإبادة جماعية بمنتهى الإصرار والتصميم والتخطيط المسبق!
إن ما يحدث في غزة تطهير عرقي لم يحدث له مثيل في التاريخ الحديث حتى عندما بدأت أوروبا تجتاح أمريكا، وتستولي عليها من سكانها الأصليين، وحتى عندما تعرض اليهود لما سمي بالتطهير أو الهولوكست، فكل حرائق الإبادة هذه لا تتساوى مع ما يحدث في غزة أبداً، وكل محاولة لتبسيطها أو إغفالها أو تبريرها ليست سوى جريمة أخرى مضافة في حق الضمير الإنساني قبل أن تكون في حق أهل غزة!
نتحدث عن الأبرياء، عن النساء والأطفال، عن الأمهات والرضع والعجائز، عن المرضى والمعاقين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم فلسطينيون يعيشون في غزة، أوقعهم حظهم العاثر أمام طغيان الآلة العسكرية الصهيونية، التي ترى أنها لا تفعل شيئاً خطأ بجرائمها هذه بقدر ما تدافع عن نفسها وحقها في البقاء، وضد شعب هذه أرضه، ثم يأتي من يتكلم عن عنف! إنها جريمة إبادة عرقية جماعية مجرمة من قبل محكمة دولية، وعلى الملأ.
أما ما حدث في أمستردام فهو عنف، ولكن ما هو المتوقع إنسانياً بعد كل ما حدث في غزة، ماذا تتوقع إسرائيل من أي إنسان صاحب ضمير عربي أو غير عربي أن يفعل أو يشعر؟ إن هذه الجرائم المستمرة بلا توقف، هذه الحرب الظالمة، هذه الإبادة الرهيبة، لن تجلب الأمن، ولن تحقق السلام، العنف سيولد المزيد من العنف، والمزيد من المواجهات في كل مكان، هذا أمر منطقي نتيجة الشحن الذي يملأ قلوب البشر أصحاب الضمائر، وأولهم العرب حتماً.