الجماهير الغفيرة التي اكتظ بها معرض الشارقة للكتاب وكانت في استقبال نجم الكرة المصري العالمي محمد صلاح، كانت تعبر عن فكرة مهمة جداً خلاصتها أن ما يجذب الجمهور ليس بالضرورة هو نفسه الذي يجذب ويؤثر ويهم الفرد، والنجوم يفهمون ذلك تماماً.

أقول ذلك لأن الجمهور كان يصفق بحرارة لصلاح عندما تحدث عن قراءاته وذكر أسماء الكتب التي قرأها، بينما على مواقع التواصل شن كثيرون وبصفة فردية هجوماً عليه بحجة أن تلك الكتب بسيطة ولا تقدم صورة لنجم عالمي يفترض أن يكون على جانب كبير من الثقافة خاصة وهو يعيش ويتحرك في الغرب الذي يهتم ويقيم وزناً للقراءة والثقافة!

محمد صلاح لاعب كرة قدم عالمي بل وتاريخي كما يوصف، بنى نجوميته بشكل عصامي وبإصرار وثبات وجهد جهيد، وأن يخصص وقتاً للقراءة فهذا أمر جيد بل ويستحق الإشادة، أما ماذا يقرأ فتلك مسألة شخصية بحتة، ليس مطلوباً من ( مو صلاح) أن يكون مرشد قراءة لشباب العرب، هذه ليست وظيفته في الحياة، وإلا فماذا يعمل نجوم الأدب والثقافة ووزارات الثقافة ومناهج التعليم والسينما والفنانون و... ؟

يستحق محمد صلاح كل ذلك التصفيق الشديد الذي يستقبل به أينما ذهب، يكفي أن ما حققه كان ثمرة جهد شخصي، لم تقف معه دولة ولا أجهزة رياضة كبرى، لذلك فهو يمثل للجماهير العربية وغير العربية حالة التحقق الواقعي لفكرتين مركزيتين في ذهن أي إنسان: فكرة البطل، وقد اختار هذا البطل أن يكون صادقاً ويعبر عن نفسه وخياراته بحرية ودون إملاءات وكذب. أما الفكرة الثانية فهي فكرة الشخص الذي يناضل بلا يأس في هذه الحياة ليصل لتحقيق حلمه.

إن الجماهير ليست كالفرد المستريح على أريكته، المبتعد باختياره عن التأثيرات وإملاءات الجماهير، والذي يبحث عن الحقيقة بالأدلّة والبراهين، الجماهير عكس ذلك، فهي عبارة عن كتلة من البشر تبحث عن البساطة لتسير نحو الهدف الّذي تتوق إليه، وقد فهم محمد صلاح تلك البساطة، فمنحهم إياها، وهذا دليل ذكاء وفهم، إنه ابن هذه الجماهير، ومدين لها بما وصل إليه، لذلك يعرف كيف تتحرّك وما الذي يؤثر فيها.